الأولمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الأولمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــب

للإبداع الأدبي الحقيقي بحثا عن متعة المغامرة
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 لوركا وصلبان فرانكو السود

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
حمدي علي الدين
المدير
المدير
حمدي علي الدين


ذكر عدد الرسائل : 1252
تاريخ التسجيل : 15/04/2007

لوركا وصلبان فرانكو السود Empty
مُساهمةموضوع: لوركا وصلبان فرانكو السود   لوركا وصلبان فرانكو السود Icon_minitime1/7/2007, 16:47

غرناطة بين الشعر والدم:
لوركا وصلبان فرانكو السود


دعبد السلام باشا
لوركا، حلم حياة ، أحدث سيرة ذاتية عن حياة فيدريكو جاثيا لوركا، الذي لا يزال رمزا للجمال والخير لدي الأسبان، وكان حلما للحياة اغتاله رصاص أعوان فرانكو. في كتابها تقول ليسلي شتاينون إن لوركا في بدايات عام 1936 كان قد أصبح رمزا لاسبانيا الجمهورية التقدمية، لأسباب عديدة، لأعماله الجميلة والجماهيرية ولأن افتتاح أي عمل مسرحي له كان يتحول إلي ساحة لمعركة فكرية، ولأسلوب حياته المنحلة للغاية بالنسبة للمحافظين الذين كانوا يتشوقون للعصور الوسطي. وقد اعتمدت شتاينون في سيرتها الجديدة علي مئات الرسائل التي لم تنشر من قبل، لا لشيء سوي لمحتواها الجنسي، كما قامت بعقد لقاءات مع كثير ممن عرفوا لوركا وحكوا لها أشياء لم يذكروها من قبل. ربما لا تختلف هذه السيرة الجديدة عن العشرات التي صدرت قبلها في الخطوط العريضة، لكن التفاصيل، وخصوصا في ما يتعلق بمثليته الجنسية التي كان يفخر بها في سنواته الأخيرة، يمكنها أن تلقي الضوء علي جوانب هامة من أعماله وأفكاره.
ولد فيدريكو جارثيا لوركا علي بعد 16 كيلومترا من غرناطة وعلي بعد 48 كيلومترا من البحر المتوسط. بالتحديد في قرية (فوينتي باكيروس)، في منتصف ليلة الخامس من يوليو 1898 جاء لوركا إلي الوجود. وحسب معايير تلك الفترة والتقاليد الريفية كانت عائلته تعتبر شديدة التحرر. منذ طفولته، دعم أبواه اهتماماته الفنية وخيالاته الرومانسية.. بعد سنوات طويلة يتذكر لوركا ليلة كانت أمه تقرأ له فيها أحد أعمال فيكتور هوجو: أدهشني بكاء الخادمات لأنني لم أكن أفهم المعني، لكنني تمتعت بهذا الجو الشعري .
كان لوركا يرغب أن يكون فنانا، لكنه لم يكن يعرف أنه سيصبح كاتبا، كان يعتقد أنه سيصبح موسيقيا. فمنذ صغره تعلم عزف أكثر الأعمال صعوبة علي البيانو، وفي شبابه المبكر أدهش أكثر الموسيقيين شهرة ومنهم مانويل دي فايا الذي سيصبح صديقه. وقد احتاج إلي عشرين عاما ليكتشف أن الشعر مصيره..
في عام 1920 التحق بنزل الطلبة بمدريد، الذي كان يشبه مثيله في أكسفورد أو كامبريدج. هناك نشأت الصداقة مع اثنين من أكبر الفنانين في عصره: سلفادور دالي (الذي كان ايضا أحد عشاقه الأوائل) ولويس بونيول. في النزل، كما في كل الأماكن التي تردد عليها، كان لوركا محط الاهتمام. علي الرغم من أنه كان طالبا سيئا (لم يكن ينجح بصعوبة إلا إرضاء لأبويه) كان محبوبا من الطلبة والمعلمين. كان يمضي ساعات طويلة في البارات، يشرب ويتحدث ويغني ويعزف البيانو ويلقي أشعاره. حياة المقهي كانت تبدو له أساسية بالنسبة لأي فنان: في المقهي تتعلم أكثر من المحاضرات، المناقشات أكثر حيوية، وبالاضافة إلي هذا كل شيء ممتع . في العشرين من عمره لم يكن بامكانه أن ينفي أن الرجال يجذبونه بشدة، لكنه لم يكن يعرف بعد كيف يتعايش مع احتقار الأغلبية. في ذلك الحين في البلدان اللاتينية وخصوصا اسبانيا. كانت الجماعات الدينية قد فرضت فكرة أن المثلية الجنسية شيء مقزز وغير انساني، لدرجة ان المخنثين لم يكونوا يعترفون بهذا. ومع هذا كان النفاق الذي يراه حوله يثير غيظه أكثر من اضطراره إلي إخفاء رغباته: معظم رفاقه في النزل كانت بينهم علاقات جنسية، لكنهم كانوا يعتذرون عنها باعتبارها (مرحلة سيجاوزونها من حياتهم). مثل طلبة المدارس الداخلية الإنكليزية في العصر الفيكتوري، كان الطلبة الاسبان في عصر ألفونسو الثالث عشر يعتقدون أن العلاقات الجنسية المثلية في حياتهم اليومية كانت الثمن الذي يجدونه لدفعه من اجل تعليمهم الرفيع، قبل أن يصبحو ما كانوا يعتقدونه في أنفسهم ذكور بحق، سيتزوجون وينجبون أبناء . علي عكس دالي، كانت المثلية الجنسية مركز حياة وفن جارثيا لوركا. وهذا ما تكشف عنه السير الذاتية التي تناولت الشاعر الغرناطي وليس النقد الأدبي الذي يري أن الجنس عند لوركا لا علاقة له بأعماله.
شعره شديد الارتباط بميوله الجنسية، فنري أن حريته الايروتيكية سبقت ــ وكانت سبب ــ القفزة الكبيرة التي شهدها عمله. عندما ذهب لوركا إلي نيويورك وكوبا، كان قد طبع عمله الأساس (أغان غجرية)، حيث كان كل ما كتبه حتي ذلك الحين بعيداً عن هذه القمة. في الولايات المتحدة وكوبا مر لوركا بمصارحة جنسية وشعورية ووجودية غيرته تماما. أخوه ورفيقه باكو وبونيول، الجميع يتفقون علي أنه عاد مختلفا تماما: في المظهر والشخصية، وأيضا تغيرت كتابته. لم يعد يخفي نزواته الذكورية، وحتي إن فعل هذا، كثيرا ما يجده أصدقاؤه في شقته عاريا مع شاب آخر ــ الشاعر لويس ثيرنودا علي سبيل المثال ــ ويقول لهم ضاحكا إنه كان يمارس تمرينا حربيا يونانيا. وبدا يكتب ما سيصبح أفضل أعماله، في المسرح كما في الشعر، خصوصا ما يعتبره هو أفضل قصائده: أغنية والت وايتمان والتي لم تكن مصادفة أنشودة في حب الغلمان.
بعد هذا الكشف كتب أكثر أعماله المسرحية طليعية والتي لم يمكن عرضها إلا بعد أربعة عقود من رحيله، إنها مسرحية (الجمهور) التي يدور موضوعها عن المثلية الجنسية أيضا وعن لعبة الأقنعة التي تملأ الحياة عندما يتحكم فيها النفاق. لوركا اصبح أكثر جرأة جماليا، سبق مسرح العبث بعقدين، سبق بيكيت وبينتر. في رسالة إلي أحد أصدقائه كتب معلقا علي هذا العمل: سأتفوق علي أوسكار وايلد، إلي جانب ما أكتب الآن يبدو عملي شيئا مائعا لعجوز مترهلة .
بعد عودته من رحلته الأولي كتب أعماله المسرحية التي ستمنحه شعبية جارفة: بيت برناردا ألبا وعرس الدم. كما كتب (دونيا روسيتا، العانس) لكنه لم يرها علي المسرح.
قبل عام من اغتياله علي يد جماعة من المتعصبين بقيادة رامون لويس ألونسو، تحاور لوركا بحميمية شديدة (كما لم يفعل مع أي رجل غير شاذ) مع المخرج المسرحي ثبريانو ريباس شييرف: منذ طفولتي جذبني الرجال، لم أعرف امرأة أبدا، ولا يهمني هذا . رد عليه ريباس إنه هكذا يفقد فرصة معرفة نصف الانسانية. فأجاب لوركا: ربما لا يعترف غير المثليين بالنصف الآخر، لكن ألا تعتقد أنهم ربما يفقدون فرصة العثور علي معان أخري، التعرف علي ثراء الحياة، كشف الغموض؟ وحسب ما رواه ريباس بعد ثلاثين عاما، أكمل لوركا قائلا: لا يعجبني المخنثون، لا يجذبونني، لكن لديهم الحق أيضا في الاختيار، في الحقيقة أري أن حب الجنس نفسه فعل شعري، يتطلب منظومة أخلاقية جديدة، أخلاق الحرية، وهذا ما أحاول التعبير عنه في شعري .
في منتصف العشرينيات، حصل لوركا علي شهرة كبيرة بسبب (أغان غجرية). النقاد وجمهور مدريد مدحوه علي هذا العمل، لكن لوركا يقول: لم يروا أكثر مما هو سطحي، مجرد اهتمام بالثقافة الأندلسية الشعبية، لم ينتبهوا إلي أن هذا الشعر عالمي . علي الرغم من أنه بدأ يصبح مشهورا قبل سفره إلي بوينس أيرس، إلا أن العاصمة الأرجنتينية شهدت أكثر نجاحاته. في مسرح (أبينيدا) عرضت فرقة لولا ميمبريس العديد من أعماله وأثرت في جمهور بوينس أيرس لدرجة أن لوركا أصبح شهيرا للغاية. كان مجهدا من كثرة الدعوات التي يتلقاها. فيكتوريا أوكامبو التي كانت منشغلة دائما بصيد المشاهير، دعته إلي عشاء رومانسي علي ضوء الشموع في بيتها وحاولت حمله إلي الفراش لكن لوركا فر مفزوعا. علي الرغم من هذا فانها لم تكنّ له حقدا، وكانت أول من نشر له في الأرجنتين، حيث طبعت له (أغاني غجرية) وخلال الشهور التي أمضاها لوركا في بوينس أيرس نفدت طبعتان من كتابه. تذاكر محاضراته كانت تنفد في دقائق لدرجة أنهم كانوا مضطرين لإذاعتها في الراديو، وكان هذا أمرا جديدا تماما وقتها. كان جمهوره كبيرا حتي قيل إن لم يبق أحد في بوينس أيرس لم يسمعه. فيما عدا بورخيس (الذي أساء فهمه لدرجه أنه وصفه بأنه عامل أندلسي)، كانت كل الناس في بوينس أيرس معجبة بلوركا وتعشقه. كثيرة هي الحفلات التي أقيمت علي شرفه والدعوات التي تلقاها يوميا، حتي أنه كان يقول أحيانا إنه لا يعرف أين كان ولا مع من. رغم هذا كان يعرف جيدا الفتيان الكثيرين الذين كانوا يترددون علي غرفته في فندق كاستلير، حيث كان معتادا علي تلقي الصحف بالروب أو عار تماما فيما يحلق ذقنه. عشق لوركا بوينس ايرس. في الخطابات التي كان يرسلها إلي أبويه، بالاضافة إلي ما كان يحكيه لهم من أنه كسب مالاً كثيراً، كما لم يربح في حياته، لم يكف عن الثناء علي بوينس ايرس انها مدينة رائعة، انها كما اتمني ان تكون إسبانيا، كوزموبوليتانية، مليئة بالأصدقاء، لا خجل فيها،تفيض بالحياة والثقافة. بينما في مدريد يصفرون يهتفون عندما لا يفهمون عملا، في بوينس أيرس يشكرون لك الاجتهاد، إنه جمهور رائع. في لندن وباريس ونيويورك كنت استمتع تقريبا بساعة المغادرة لكني سأتألم كثيرا عندما أترك هذه المدينة .
قبل أسبوعين من موته حلم فيدريكو جارثيا لوركا بكابوس أفزعه. حلم أن جماعة من النساء المتشحات بلثم داكنة يهاجمنه بصلبان سوداء. كانت الأيام الأولي من تمرد فرانكو علي الجمهورية الإسبانية وفي كل مكان بدأت تُعرف الفظائع التي يرتكبها الكتائبيون في الأماكن التي يحتلونها. من يعدمون رميا بالرصاص بدون محاكمة ومن يُعذبون حتي الموت يعدون بالآلاف. غرناطة، وطن الشاعر الصغير، حيث لجأ لوركا فرارا من التقلبات السياسية التي تمور بها مدريد، كانت تحت حكم الكتائب.
خلال الأيام الأولي من آب (أغسطس) عام 1936 قامت دورية كتائبية بتفتيش بستان (سان فيسنتي) الذي تمتلكه عائلة الشاعر مرتين بحثا عن راديو لا وجود له، يتيح للشاذ الذي لا حياء له الاتصال بموسكو. ورغم أنهم قلبوا كل البيت، حتي البيانو، لم يجدوا شيئا يجرم عليه جارثيا لوركا. وللانتقام اعتقلوا صاحب البيت وعذبوه بوحشية لدرجة أن ابناءه لم يتعرفوا عليه عندما عاد بعد يومين. ليست حرب أهلية فقط، لقد بدأت حرباٌ صليبية دينية يغذيها الكره والقسوة بلا حدود.
اقتيد لوركا إلي موته بالضرب: دفع لينقلب علي سلم البيت الذي لجأ إليه.. من قبضوا عليه كانوا يعلقون صلبانا سوداء في صدورهم. كانت الصلبان السوداء في كابوس الشاعر.
عندما سألت صاحبة البيت الفرقة عن سبب القبض عليه، رد عليها أحدهم: أعماله . في البدايه سجنوه في مبني الحكومة المدنية، في وسط غرناطة. وبعد أيام أخرجوه من هناك. كان 18 أو 19 اب (أغسطس) ــ حتي اليوم لم يعرف التاريخ بالتحديد ــ، من المعروف أنه خرج في الثالثة صباحا تقريبا، كان مقيدا إلي جانب رجل، جاليندو جونثاليس، مدرس في قرية انتهوا من القبض عليه. في حراسة خمسة رجال. اقتيد المعتقلون إلي تلال سيررا نيفادا، علي بعد عشرة كيلومترات من المدينة. كانت ليلة بلا قمر. توقفت العربة التي حملتهم عند مبني يعود للقرن الثامن عشر، أصبح مقرا للكتائب.
أحد الحراس حملهم إلي جانب معتقلين آخرين. في البداية كذب عليهم: قال لهم إنهم سيرسلون في اليوم التالي لتمهيد طريق. حاز لوركا علي ثقة الحارس الشاب الذي يسمي خوسيه خوفير تريبالدي، وأعطاه السجائر التي تبقت معه فاخبرهم الحارس أنه سيتم إطلاق النار عليهم بعد وقت قليل. ذهل لوركا وكأنه تلقي ضربة قوية علي رأسه، حاول أن يصلي لكنه لم يستطع. أمي علمتني إياها، أتعرف؟ ــ قال لتريبالدي ــ لكنني نسيتها كلها الآن . هنا انطلق في البكاء وبين دموعه أضاف: هل سأدان؟ كانت أخر كلماته، بعد قليل، إلي جانب صف من أشجار الزيتون.. تحدث الرصاص.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
لوركا وصلبان فرانكو السود
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأولمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــب :: الرؤى :: الخروج مع الشمس :: بورتريهات إبداعية-
انتقل الى: