الأولمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الأولمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــب

للإبداع الأدبي الحقيقي بحثا عن متعة المغامرة
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 نصوص أخرى لبودلير

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
حمدي علي الدين
المدير
المدير
حمدي علي الدين


ذكر عدد الرسائل : 1252
تاريخ التسجيل : 15/04/2007

نصوص أخرى لبودلير Empty
مُساهمةموضوع: نصوص أخرى لبودلير   نصوص أخرى لبودلير Icon_minitime25/4/2007, 03:47

الزحام
لم يتيسر لكل إنسان أن يستحم في حشد من الناس: إن التمتع بالزحام فنٌ؛ ولا يستطيع القيام بعربدة حيوية، على نفقة الجنس البشري، سوى هذا الذي نفخت جنية فيه، وهو في مهده، طعمَ التنكّر والقناع، كراهية البيت وحب السفر.
حَشدٌ، وَحْدةٌ: مفردتان متعادلتان وقابلتان للتحوّل بالنسبة إلى الشعراء النشطين والغزيرين. هذا الذي لا يعرف كيف يجعل وَحْدته مكتظة، لا يعرف أيضاً أن يكون وحيداً وسط زحامٍ منهمكٍ في أشغاله.
الشاعر يتمتع بهذا الامتياز الذي لا نظير له، في أن يكون كما يشاء هو نفسه والآخر. مثل هذه النفوس التائهة التي تبحث عن جسد، يدخل، متى يشاء، شخصية أي كائن آخر. بالنسبة إليه وحده، كلُّ شيءٍ فارغٌ؛ وإذا بدت أماكن مغلقة أمامه، فلأنها لا تستحق في نظره أن تزار.
يستمد المتنزّهُ المتأمل والمنفرد بنفسه ثمالةً فريدة من هذا الاتحاد الكوني. ذاك الذي ينسجم بسهولة مع الزحام يتمتع بملذات محمومة، يُحرم منها الأناني، المنغلق على نفسه كخزانة، والكسول المحجوز كمحارة. الشاعر يتبنى، وكأنها خاصته، كل المهن، كل المتع وكل أشكال البؤس التي يتعرض لها بسبب الظروف.
إن ما يسميه الناس بـالحب هو فعلاً شيءٌ صغيرٌ، محدود وضئيل، مقارنةً بهذا الفجور الفائق الوصف، بعهر الروح المقدس هذا الذي يستسلم بأكمله، شعراً وإحساناً، للطارئ الذي يتجلى، للمجهول الذي يمر.
من المستحسن أحياناً إعلام سعداء العالم، فقط لتحقير كبريائهم التافه للحظة واحدة، بأن ثمة سعادة أكبر وأفسح وأرفع من سعادتهم. مؤسسو المستعمرات، رعاة الشعوب، المبشرون المنفيون في أقصى العالم، يعرفون بلا شك بعض هذه الثمالة الغامضة؛ ومن المحتمل إنهم، في حضن العائلة الكبرى التي خلقتها عبقريتهم، يضحكون أحياناً من هؤلاء الذين يشفقون عليهم بسبب حظهم المضطرب وحياتهم العفيفة.

الغريب

- "قل، أيّها الإنسانُ اللغز، مَن تُحبّ أكثر؟ أباك، أمّك، أختك أو أخاك؟
- لا أب لي ولا أمّ، لا أخت ولا أخ.
- أصدقاءكَ؟
- هاأنت تستخدم قولاً بقي معناه مجهولاً لدي حتّى اليوم.
- وطنكَ؟
- إنّي أجهل في أي أرض يقعُ.
- الجمالَ؟
- لأحببته تلقائيّاً، لو كان ربّاً وخالداً.
- الذهب؟
- أكرههُ كما تكرهون اللّه.
- آه مَن تُحب إذنْ، يا أعجب الغرباء؟
- أحبُّ الغيومَ... الغيومَ التي تعبر... هناك... هنالك... تلك الغيوم الساحرة!"

العزلة

قال لي صحافي محب للبشر بأن العزلة مضرة للإنسان، وليدعم أطروحته، أخذ يستشهد، كما يفعل جميع السذّج، بأقوال آباء الكنيسة.
أعلمُ أن الشيطان يتردد بكل سرور على الأماكن الموحشة وأن روح الغدر والإثم تلتهب بإبداع في العزلة. لكن من المحتمل أن هذه العزلة لن تكون خطرة إلا للنفس الباطلة والتائهة التي تغمرها أهواؤها وأوهامُها.
من المؤكد أن ثرثاراً لذته العليا هي أن يخطب من منصه عالية أو منبر، يعرض نفسه للجنون في جزيرة روبنسون. لا أطالب هذا الصحافي بأن تكون له شجاعة كروزو، لكنني أطلب منه أن لا يصدر حكماً على عشاق العزلة والغموض.
يوجد في أجناسنا المجعجعة أفراد يقبلون المقصلة بقليل من النفور لو سمح لهم أن يخطبوا في الجماهير من أعلى صقالة الإعدام غير خائفين أن خطبتهم ستقطعها في وقت غير مناسب طبول الجلاد.
لا آسفُ عليهم لأني أدرك أن خطاباتهم تأتيهم بلذاتٍ تساوي ما يجتنيه الآخرون من الصمت والخشوع؛ لكنني أحتقرهم.
أودُّ بالأخص أن يتركني هذا الصحافي اللعين ألهو على طريقتي. "ألا تحس مرة"، قال لي مدندناً بنبرة رسولية، "بالحاجة إلى مشاطرة الآخرين ملذاتك؟" انظروا إلى هذا الحسود الخفي. إنه يعلم إني أمقت ملذاته وها هو يتدخل في ملذّاتي! ياله من منكود ذميم.
قال لابرويير في مكان ما: " شقاء كبير هذه اللاقدرة على الوحدة"، وكأنه يندد بكل أولئك الذين يتسرعون لينسوا أنفسهم في الحشد خائفين، بلا شك، من عجزهم عن تحمل أنفسهم.
ويقول حكيم آخر: " معظم شقائنا يتأتى من عدم قدرتنا على البقاء في غرفتنا". أظن أنه باسكال متذكراً في صومعة الخشوع والتأمل، كل أولئك الجزعين الذي يبحثون عن السعادة في الضوضاء والحركة، في دعارة أستطيع أن أسمّيها "أخوية"، إذا أردتُ أن أتحدث بلغة قرننا الجميلة.


المرآة

رجلٌ مخيفٌ دخل وأخذ ينظر في المرآة.
- "لِمَ تنظر إلى نفسكَ في المرآة، وأنت لا تقدر أن ترى صورتك إلاّ متقزّزاً؟"
أجابني الرجل المخيف: " إنّ الناس، يا سيدي، بناءً على مبادئ 1789 الخالدة، متساوون في الحقوق. إذن، لي حقّ التمرّي، بلذة أو بتقزز، فهذا أمرٌ ينظر فيه ضميري وحده".
باسم التفكير السليم، كنتُ على حقٍّ، لكن من وجهة نظر القانون، لم يكن هو على خطأ.

الكلب والقنينة

- "يا كلبي الجميل، يا كلبي الجميل، تعال يا عزيزي توتو! اقترب، تعال استنشق هذا العطر الممتاز الذي ابتعته من أجود بائعي العطور في المدينة."
اقتربَ الكلب، وهو يحرّك ذيله، وهذه علامة على ما أظن، عند هذه المخلوقات المسكينة، تدل على الضحك والابتسام، ووضعَ بفضولٍ أنفه المبلل على القنينة المفتوحة، ثم أخذ، وهو يتراجع فجأة فزعاً، ينبح نحوي بأسلوب عتابي.
- "آه، أيها الكلب التعيس، لو كنتُ قد أهديتكَ علبة غائط، لشممتها بلذة ولربما لالتهمتها. وها أنت، يا من ليس جديرا بأن يكون رفيق حياتي، تشبه الجمهور الذي لا ينبغي أبداً أن تُقدَّم له العطور الرقيقة التي تغيظه، بل قاذورات اُنتقيَت بعناية."

المرفأ

كلُّ مرفأ هو مثوى خلاب للنفس التي أنهكتها معاركُ العيش. رحابة السماء، تشكّلات الغيم المتقلّبة، تلاوين البحر الحرباويّة، إشعاع الفنارات، إنّه مَوْشورٌ ثر بما يكفي لتستأنس العينُ به من دون أن تضجر أبداً. فالأشكالُ الوثّابة لمراكب معقّدة التركيب يسمها التموّجُ بنَوَسان متناغم، تعين النفس على تكريس ذائقة الإيقاع والجمال. وفضلاً عن ذلك، ثمّة بالأخص، متعة غريبة لهذا الذي لم يعد له طموح ولا فضول، في أن يتأمّل وهو جالس في مطلّ أو متكئ على رصيف بحري، مجملَ حركات المغادرين والعائدين، الذين لا تزال لديهم قوّة الإرادة، والرغبة في السفر والإثراء.

كونوا ثملين

عليكم بالثمالة إلى الأبد. هذا كلُّ ما هناك: إنّها المسألة الوحيدة. وحتّى لا تشعروا بأوزار الزمن الفظيعة التي ترهق كواهلكم وتحني ظهورَكم، عليكم أن تسكروا بلا هوادة.
لكن بمَ؟ بالخمر، بالشِّعر أو بالفضيلة على هواكم. لكن اسكروا.
وإذا حدث أن استيقظتم، مرّةً، على دَرَجات قصرٍ، أو على عشب مجرى ما، أو في وحشة غرفتكم الكئيبة، وقد خفّت النشوة أو آلت إلى الزوال، اسألوا الريحَ، الموجَ، النجمَ، الطيرَ، ساعةَ الحائط، كلَّ ما يجري، يعول، يدور، ينطق، اسألوها كم الساعة وستجيبكم الريحُ، الموجُ، النجمُ، الطيرُ، ساعةُ الحائط: "إنّها ساعة السّكر ‍وحتّى لا تكونوا عبيدَ الزّمن المعذّبين، اسكروا، بالخمرة، بالشِّعر أو بالفضيلة، كما تشاؤون.

الحساء والغيوم

وصغيرتي الهوجاء تقدّم لي العشاء، طفقت أتأمّل من خلال نافذة صالة العشاء المفتوحة، التكوينات الهندسيّة المتقلِّبة التي يصنعها اللّه من الأبخرة، أبنية اللامحسوس العجيبة. قلت لنفسي، عبر تأمّلي:"إنّ كلَّ هذه الأطياف لهي جميلة تقريباً جمال عيون حبيبتي الجميلة، هذه الصُغَيْرة الهوجاء المريعة ذات العيون الخضراء".
وإذا بي أتلقّى لكمة على ظهري، وسمعت صوتاً أجش وفاتناً، صوتاً هستيريّاً وكأنّه مبحوحٌ من كثرة الكحول، إنّه صوت حبيبتي الصغيرة العزيزة، يقول: "أتتناول حساءك يا... أيّها ال ... تاجر الغيوم؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
حمدي علي الدين
المدير
المدير
حمدي علي الدين


ذكر عدد الرسائل : 1252
تاريخ التسجيل : 15/04/2007

نصوص أخرى لبودلير Empty
مُساهمةموضوع: رد: نصوص أخرى لبودلير   نصوص أخرى لبودلير Icon_minitime16/8/2007, 23:24

النصوص منقولة عن موقع الحافة الأدبي

مودتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
نصوص أخرى لبودلير
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأولمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــب :: الرؤى :: رؤى العالم الجميل-
انتقل الى: