حمدي علي الدين المدير
عدد الرسائل : 1252 تاريخ التسجيل : 15/04/2007
| موضوع: باولو كويليو: «ألف ليلة...» وجبران لهما أثر عميق في أدبي 28/4/2007, 10:45 | |
| باولو كويليو: «ألف ليلة...» وجبران لهما أثر عميق في أدبي باولو كويليو الكاتب الذي بات في غنى عن التعريف ولد في ريو دي جنيرو في البرازيل عام 1947. هناك نشأ وهناك التحق بالجامعة ليدرس الحقوق. لكنه سرعان ما انقطع عن تخصصه لينصرف إلى ترحال جال خلاله في المكسيك والبيرو وبوليفيا والتشيلي فضلاً عن أوروبا وشمال أفريقيا. وما لبث أن قفل عائداً إلى البرازيل حيث عمل مع مجموعة من الموسيقيين المعروفين على تأليف كلمات الأغاني. وإثر تجربة خارقة للطبيعة، انعزل كويليو وأصبح متوحداً ومعتكفاً عن العالم، ما دفعه إلى خوض ترحالٍ في دفائن الذات أسفر عن أعمال روائية بديعة آخرها «ساحرة بورتوبيللو» التي صدرت حديثاً عن شركة المطبوعات للتوزيع والنشر. باولو كويليو الذي لا تتسع مقابلة واحدة معه لطرح كل الأسئلة حول نصوصه الروائية الغنية وتجربته الفريدة وعالمه الساحر. > ما الذي ألهمك الكتابة في الأساس؟ - نقطة التحول الجذري بدأت مع مجيئي إلى كومبوستيللا. آنذاك اكتشفت أنا الذي وهبت حياتي لأكتشف أسرار الكون أن لا وجود أبداً للأسرار، ما دامت الحياة بحد ذاتها لغزاً غامضاً. إنها معجزة مقيمة يجسدها بصورة دائمة لقاؤنا مع الآخرين. بعد رحلة الحج، سهل عليّ البحث الروحي، وأدركت أن الحياة تختزل كل الأجوبة الممكنة عن الأسئلة المطروحة. > لم نجدك إذاً، وأنت القائل بأن الحياة هي الجواب، في حالة إلحاح دائم على حفريات السر؟ - إيماني عميق بأننا نختبر التحول على الدوام. لهذا نحن في حاجة لأن ندع الحياة تقودنا إلى السرّ عوضاً عن أن ندفعها باتجاهه. > لكنك تعتمد في معظم نصوصك الحبكة البوليسية، كما في «الزهير» و»إحدى عشرة دقيقة» و»الخيميائي» بالطبع، حيث تهجس بمكان غامض ينشغل الراوي بسبر أغواره ويشغل معه القارئ. هل هو البحث عن المعرفة أم هي الرغبة في الاحاطة بكلّ ما في هذا العالم من غموض؟ - كل الشخصيات في رواياتي تخوض رحلة البحث عن روحها. انها في وجهٍ من الوجوه مرآتي التي تعكس ذاتي. أنا أسعى دوماً لإيجاد مكان لي في هذا العالم، ولست أجد أفضل من الكتابة سبيلاً إلى ذلك. هذا ما يفعله بطل رواية «الزهير» على سبيل المثل، حين يلفّ العالم بهدفٍ أوحد: اكتشاف ذاته. رحلة الجسد هي رحلة الروح في آن واحد، ذلك أنه من خلال الطواف حول العالم يتمكن بطل الرواية من إدراك أعمق معاني الحياة. رواياتي هي نتاج مفارقات الحياة، أي إنها بعيدة كلّ البعد من المنطق الذي يحكم الروايات البوليسية. المفارقة هي التوتر القابع في ثنايا روحي، وهي كالقوس المستخدمة في الرماية، تدوم متوترةًً. أعلم أن من المهم التحلي بالقيم في الحياة، ولكن لطالما شدّني التنافر، فالحياة ليست ساكنة بل هي على النقيض تماماً في حركة دائمة، كالمدّ والجزر. > تتقاطع الأمكنة في رواياتك، جامعة بين الشرق والغرب. أنت تنتقي دائماً أماكن ملتبسة بانفتاحها وبصخبها، وبالتقاء الأضداد فيها. لبيروت مثلاً حيّزٌ واسع في روايتك الأخيرة «ساحرة بورتوبيللو»، تجعل لها دوراً أساسياً في مصير البطلة أثينا، كذلك دبي، مسرح أفكارها المشبعة بالغرابة. - لمَ لا؟! ثم إن مدينتي بيروت ودبي مدينتان مذهلتان. ما يجذبني إليهما ليس بالضرورة ما قلته عن سمعة الفوضى والصخب أو الانفتاح والتضاد، بل نواحيهما الأخرى المختلفة جداً. بيروت بالنسبة إليّ مدينة في صراع مستمر، وأنا مثلها أعيش الحالة ذاتها. أما دبي، فهي إحدى أكثر المدن التي لفتتني معاصرة وتطوّراً. تتحدّى دبي زائرها بالصحراء والبحر اللذين يحيطان بها، فتبدو وكأنها المعجزة التي لن تستحيل حقيقة والتي لن يفهمها أحد. المدنُ تشبه الناس. بيروت ودبي لهما مزاجهما وأسلوبهما الخاص وطريقتهما في مواجهة الحياة. إنهما تفرضان نفسيهما في رواياتي. هناك دائماً مدينة ما تلوح في مكان ما من عقلي حين أشرع في كتابة قصة أو ابتكار شخصية. ولكن مع أنني أحب المدن، فأنا أشعر بالحاجة إلى إبعاد شخصياتي عنها، فالصحارى والغابات والجبال تأتي لتشكّل أمكنة موازية لهذه العواصم. وهذه المساحات الفارغة المشرّعة على التأمل تحضّ أبطال رواياتي على مواجهة أنفسهم. > هذه الأمكنة المعاصرة على ما تقول، تتناظر في رواياتك مع الأمكنة القديمة في أحيان كثيرة. هل في ذلك دعوة إلى إعادة قراءة التاريخ؟ - ليس هدفي التحريض على إعادة قراءة التاريخ، بل هو التركيز على الأسئلة العالمية التي لن يتوقف خيالنا يوماً عن طرحها. في بعض الأحيان، أسرد قصتي على شكل الاسطورة، كما في «الخيميائي» و «الجبل الخامس» تجرى أحداثهما في لبنان أيضاً. وفي أحيان أخرى، أجدني أقارب حالات نعيشها في الحاضر، كما في «إحدى عشرة دقيقة» و «الزهير» و «ساحرة بورتوبيللو». وعلى رغم ذلك، أظن أن علينا الهروب من مفهوم الزمن. فعلاقة الحب الوثيقة التي قد تربطك بالطبيعة أو بشخص ما تبعث فيك ذاك الانخطاف وتهبك إحساساً بالأبدية. شعورك هذا يتيح لك التغلّب على الخوف من الموت. في كتابي الأول، «حاج كومبوستلا» تحدثت عن التعاليم التي سلّحني بها معلّمي لأواجه الموت. ومنذ ذاك الحين، أدركت أن الموت ليس نهاية العالم، بل على العكس، فهو أعزّ أصدقائي وألصقهم بي. هو أنوثة جميلة ترقد دائماً إلى جانبي، تذكّرني في كل لحظة بأن الحياة هي كل ما أملك. وهذا أثمن كنزٍ يسعني امتلاكه على الإطلاق. > تُرجمت كل نصوصك السابقة إلى العربية ولاقت صدىً كبيراً، وتجاوب القارئ العربي معها وغدا ينتظر صدور أعمالك الجديدة، لكونها توفّر له تلك المتعة التي ترتدي ثوب البساطة وهي متعة ذات عمق، ما هي علاقتك بالقارئ العربي؟ - لطالما اتسمت علاقتي بالقارئ العربيّ بالإيجابية. أذكر مرةً خلال رحلتي إلى مصر في شهر آذار (مارس) من العام 2005 حين دعيتُ إلى لقاء جماهيري، فالتفّ حولي تلقائياً نحو أربعة آلاف شخص للاستماع إليّ. كان الحدث لا ينسى، كيفية تكلم الناس على أعمالي وكيفية فهمهم وإدراكهم لها. وكانت اللحظات التي مرت من اللحظات التي تجعلنا نشعر بأن شيئاً ما يربطنا بالآخرين وبأننا نتشارك في أمور ذات عمق. وإنني معجب بالثقافة العربية، فقصص «ألف ليلة وليلة» مثلاً كان لها كبير أثرٍ في شخصيتي وأسلوبي يوم كنت أطالعها في مراحل طفولتي. وهكذا فعلت بي أعمال «جبران خليل جبران» في وقت لاحق. حتى إنني ترجمتُ أحد كتبه بعنوان «رسائل حب من نبي» ولا يزال كتاب «النبي» حتى اليوم أحد أهم الكتب التي تركت بصماتها على حياتي الشخصية والعملية. وخصص لي عمود في صحف ومجلات عالمية وعربية تصدر أسبوعياً، وأحاول من خلالها إشراك قصص من مختلف الثقافات. وليس صعباً إيجاد قصص من الثقافة العربية بما أنكم روائيون رائعون تعبّرون عن قيمكم ووجهات نظركم من خلال الأدب والشعر في شكل خاص.
أنا فخورٌ جداً بهذه العلاقة التي تشدّني إلى القارئ العربي. واليوم، يسعدني جداً أن «ساحرة بورتوبيللو» ستتوافر قراءتها للقراء العرب قبل سواهم من قرائي في غالبية الدول الأخرى. وإثباتاً لمحبتي، قمتُ أخيراً بنشر بعض فصول روايتي هذه على موقعي الإلكتروني www.paulocoelhoblog.com. وأنا متشوق لأعرف مدى تجاوب قرائي في هذه البقعة من العالم مع رواياتي الجديدة. عزة طويل الحياة
| |
|