[color=blue]حينما استوقفتنا القصيدة العمودية اثارنى بشدة الحديث عن الجمود الذى سيطر عليها وأنها أصبحت غير مواكبة للعصر الذى نعيشه
أولا أنا لست من أنصار القصائد المتحجرة التى تقف عن حد هندسى معين كما صرح المبدع الصديق مصطفى
لكن هناك الكثير من الظواهر العمودية التى تستحق الوقوف مثلا (( أحمد بخيت )) الشاعر الذى يجارى جميع الألوان بقصيدته العمودية وذلك لتقنيات الكتابة نفسها
الوليد مثل
والتالى نبذة مختصرة عنه
الوليد ابن يزيد بن عبد الملك من سلالة الدوحة المروانية التى ظلت صاحبة الولاية على الامة ممنذ عهد مروان الى آخر عهد بنى أمية
أمه قيسية من ثقيف فهى بنت محمد بن يوسف أخى الحجاج
ولد فى خلافة عمه الوليد سنة 88هـ
نشأته
ولى أبوه الخلافة وهو فى الحادية عشرة من عمره ( أقصد بالسن الوليد طبعا )
ولذا كانت بداية النشأة التى لا تعترف الا بالترف والمجون واللهو لأن أباه نفسه كان صبا بالدلال والترف فأسبغ كثيرا من فنونهما على ابنه ومن الجلى أن الوليد لم يترك مظهرا من هذه المظاهر عن أبيه الا وتشربه كأنه المدام تماما وكانت أهم هذه المظاهر هى الخمريات والاستماع الى الغناء والثياب الحريرية المزركشة
لدرجة أن أبا حمزة الخارجى وصف يزيد فى خطبه قائلا _ انه يشرب الخمر ويلبس الحلة قومت بألف دينار ........ حبابة عن يمينه وسلامة عن يساره تغنيانه حتى اذا نفد شرابه نظراليهما قائلا ألا أطير
ويروى الرواه أنه اشترى حبابة بأربعة ألاف دينار وسلامة بعشرين
وكان يستقدم المغنين من الحجاز فيقيمون له الحفلات الغنائيةبقصره وكانت تبلغ جائزة المغنى ألف دينار
وبين هذه المعازف وما يتصل بهامن لهو وخمر نشأ الوليد ولم يبلغ الخامسة عشرة من عمره حتى توفى يزيد وولى عمه هشام الخلافة
الوليد هو الشاب المدلل الذى لم يعرف شظف العيش
حياته__________
كان يلبس الوشى والقصب والثياب الملونة والعقود والجواهر وكان يغيرها فى اليوم مرارا كما يغير الثياب
والجدير بالذكر أن مؤدب الوليد نفسه _عبد الصمد بن عبد الأعلى - كان فيه مجون وزندقة فكان ذلك يصادف هوى فى نفس الوليد الطواقة لهذا
البيت , المعلم , الظروف
كل ذلك ساهم فى تشكيل ثقافة الوليد الماجنة المعربدة التى لا تعرف من حطام الحياة سوى الخمر والجوارى _ عجيب _
حاول عمه لما رآه بهذه الصورة خلعه من الولاية وتولية ابنه مسلمة وولاه امارة الحج ليظهر مجونه بالحرمين فيسقط فحج الوليد حاملا معه كلابا فى صناديق وتشاغل بالمغنين والشراب وأمر مولى له فحج هو بالناس ليعكف الوليد على الخمر ثم بعد ذلك أقبل الى دمشق فطالبه هشام بخلع نفسه فأبى وتمادى وكتب له هشام يعنفه ويسأله عن دينه فرد قائلا
يا أيها السائل عن ديننا نحن على نحن على دين أبى شاكر
نشربها صرفا وممزوجة بالسخن أحيانا وبالفاتر
وأبوشاكر لقب مسلمة الذى كان يرشحه هشام للخلافة وكا كالناسك بخلاف الوليد
وعندما ابتسمت الدنيا للوليد وتوفى خصمه اللدود أفاق من سكره وانطلق يقول
هلك الأحول المشئوم فقد أرسل المطر
ثم استخلف الوليد فقد أورق الشجر
الوليد هنا يمجد فى نفسه وكأن الشجر لم يراوده الورق من قبل الا عندما ولى الخلافة بعد وفاة عمه اللدود الذى لم يرد به سوءا سوى أنه كان يريد أن يقومه
تحول الوليد من منفاه الى قصر الخلافة ليتحول الى مسرح كبير فيه المغنون والظرفاء والندماء ومصممو الطرفة التى تليق بابتسامة الوليد وأشعب الذى لبس قردا بأمر الوليد وشد فى رجليه أجراسا وفى عنقه جلاجل
من المواقف الجديرة بالذكر فى هذه الحياة الماجنة موقف ( شراعة بن الذنذبوذ )
الذى استحضره الوليد ليقول له
يا شراعة أنا لم أستحضرك لأسألك عن العلم ولا لأستفتيك فىالفقه ولا لتحدثنى ولا لتقرئنى القرآن
قال لو سألتنى عن هذا لوجدتنى فيه حمارا
قال _ فكيف علمك بالفتوة
كيف علمك بالأشربة
ما قولك فى الماء
فأجاب شراعة _ هو الحياة ويشركنى فيه الحمار
اللبن
قال شراعة - ما رأيته الا وتذكرت أمى فاستحيت
الخمر
فأجاب شراعة
تلك السارة البارة وشراب أهل الجنة
وعلى هذا النمط تحول قصر الخلافة الى مقصف للخمر لدرجة أنه صنع لنفسه بركة خمر يجلس على حافتها والمغنون يغنون حتى اذا انتشى نزع ثيابه وقذف بنفسه لينهل منها ثم يخرج وهو كالميت ليتلقاه غلمانه بالمجامر والثاب المعطرة
____________
أشعاره
أنا الوليد الامام المفتخر أنعم بالى وأتبع الغزلا
_____________________________
أشهد الله والملائكة الأبرار والعابدين أهل الصلاح
أننى أشتهى السماع وشرب الكأس وعض الخدود الملاح
والنديم الكريم والخادم الفــــــ ـــــــاره يسعى على بالأقداح
____________________________
وكان يتفنن فى ايذاء واغضاب أبناء عمه واغضاب اليمنية
وطئنا الأشعرين بعز قيس قيا لك وطأة لن تستقالا
وهذا خــــــــالد فينا أسيرا ألا منعوه ان كانوا رجالا
عظيمهم وسيدهم قديمـــــا جعلنا المخزيات له ظلالا
فلو كانت قبائل ذات عز لما ذهبت صنائعه ضلالا
وكندة والسون فما استقالوا ولا برحت خيولهم الرحالا
فما زالولوا لنا أبدا عبيدا نسومهم المذلة والسفالا
الكلمات هنا تواكب جميع العصور من وجهة نظرى ليس الا عن الشعر فالشعر معبر يمتلك العبارات الدقيقة فى الفخر والجرأة ولو كتبت هذه القصيدة اليوم لكنت أول المصفقين لكاتبها الذى أجاد استخدام الكلمات ووظفها ووظف الحروف فى أماكنها (( فلو كانوا قبائل ذات عز )) حرف الامتاع لو هنا جاء فى مكنه الصحيح الذى يمنع وقوع الفعل لامتناع الحدث أصلا هم ليسوا قبائل ذات عز لذا قد ذهبت صنائعهم ضلالا
فما زالوا لنا أبدا عبيدا استمرارية وأبدية واصرار على الاهانة من قبل الشاعر الذى رغم اختلافى معه الا أننى لا أستطيع نكران اجادته لتوظيفه للجماليات بصورة فطريه دقيقه
____________________________________________
ومن مظاهر كفره وزندقته أيضا
حينما فتح المصحف وافق ورقة فيها (( واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد ))
فقال اسجعا سجعا علقوه ثم أخذ القوس فرماه حتى مزقه ثم قال
أتوعد كل جبار عنيد فها أنا ذاك جبار عنيد
اذا لاقيت ربك يوم حشر فقل لله مزقنى الوليد
من الواضح ومن المتعارف عليه أن هذه القصة منحوله على الوليد لا لأنفى ما لتبرئة الوليد مما قيل ولكن لأن الوليد لم يفتح المصحف أساسا
_________________حب الوليد
عشق سلمى أخت زوجته سعدة فطلق أختها من أجل أن يتزوجها ورفض أبوها فهام بها ونظم فيها الشعر قائلا
ويح سلمى لو ترانى لعناها ما عنانى
متلفا فى اللهو مالى عاشقا حور القيان
شاق قلبى وعنانى حب سلمى وبرانى
ولكم لام نصيح فى سليمى ونهانى
وقوله
أرانى الله يا سلمى حياتى وفى يوم الحساب كما أراك
ألا تجزين من تيمت عصرا ومن لو تطلبين فقد قضاك
ومن لو مت مات ولا تموتى ولو أنسى له أجل بكاك
ومن لو أعطى حقا ما تمنى من الدنيا العريضة ما عداك
ومن لو قلت مت أطاق موتا اذا ذاق الممات وما عصاك_
________________________
وعندما توفيت بكاها بكاءا حارا
يا سلم كنت كجنة قد أثمرت أفنانها دان جناها موضع
أربابها شفقا عليها نومهم تحليل موضعها ولما يهجعوا
حتى اذا فسح الربيع ظنونهم نثر الخريف ثمارها فتصدعوا
ألم نجد أن هذا الشاعر مرهف الشعور وليس فظا غليظ القلب كما صورت لنا الدراسات
أيوجد حب كهذا
الكلمات نفسها والعبارات والصور وسكنات الأبيات لو كتبها عاشق فى محبوبته ألا تكفى لأن تجارى هذا العصر
من وجهة نظرى كافية لتجارى كل العصور
____________________
دعوا لى سليمى وقينة وكأسا ألا حسبى بذلك مالا
خذوا ملككم لا ثبت الله ملككم فليس يساوى ما حييت عقالا
الولـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيد
[color:fdf6=blue:fdf6]