وهَبنــي قلـت: هـذا الصبـحُ لَيـلٌ
أَيعمــى العــالَمونَ عَـن الضّيـاء؟
* * *
وإذا خَــفيتُ عــلى الغَبِـيِّ فَعـاذِرٌ
أنْ لا تَـــراني مُقْلَـــةٌ عَمْيــاءُ
* * *
صَغُـرْتَ عَـنِ المـديحِ فقُلْـتَ أُهجَـى
كــأَنَّكَ مـا صَغُـرْتَ عَـنِ الهِجـاءِ
* * *
مــا الخِــلُّ إِلا مَــن أَودُّ بِقَلبِــهِ
وأَرَى بِطَــرفٍ لا يَــرَى بِسَــوائِهِ
* * *
لا تَعــذُل المُشــتاقَ فــي أَشـواقِهِ
حــتّى يَكُـونَ حَشـاكَ فـي أَحشـائِه
* * *
الباء
فَـالمَوْتُ أَعْـذَرُ لـي والصَّبْرُ أَجْمَلُ بي
والــبَرُّ أَوْسَــعُ والدُّنْيـا لِمَـنْ غَلَبـا
* * *
أظْمَتْنِـــيَ الدُّنْيــا فَلَمَّــا جئْتُهــا
مُستَسِــقياً مَطَــرَتْ عَـلَيّ مَصائِبـا
* * *
فــالمَوْتُ تُعْـرَفُ بالصِّفـاتِ طِباعُـهُ
لــم تَلْــقَ خَلْقــاً ذاقَ مَوْتـاً آئِبـا
* * *
كَثِــيرُ حَيــاةِ المَـرْءِ مِثْـلُ قَلِيلِهـا
يَــزُولُ وبـاقي عَيشِـهِ مِثْـلُ ذاهِـبِ
* * *
وقــد فــارَقَ النـاسَ الأَحِبَّـةُ قَبلَنـا
وأَعيــا دواءُ المَــوت كُـلَّ طَبِيـبِ
* * *
فــرُبَّ كَــئِيبٍ لَيسَ تَنـدَى جُفونُـهُ
ورُبَّ نَــدِيِّ الجَــفنِ غــيرُ كَـئِيبِ
* * *
وفـي تَعـبٍ مَـن يَحسُدُ الشَمسَ نُورَها
ويَجــهَدُ أَنْ يَــأتي لَهــا بِضَـرِيبِ
* * *
ومـن صَحِـبَ الدُنيـا طَـويلاً تَقَلَّبَـتْ
عـلى عَينِـهِ حـتَّى يَـرَى صِدْقَها كِذْبا
* * *
ومـن تكُـنِ الأُسْـدُ الضَّـوارِي جُدودَهُ
يَكُـنْ لَيلُـهُ صُبحـاً ومَطعَمُـهُ غَصْبـا
ولَســتُ أُبـالي بَعْـدَ إِدراكِـيَ العُـلَى
أَكــانَ تُراثـاً مـا تَنـاوَلتُ أم كَسْـبا
* * *
أَرَى كُلَّنــا يَبغِــي الحَيــاةَ لِنَفْسِـهِ
حَرِيصـاً عليهـا مُسْـتَهاماً بِهـا صَبَّـا
فحُــبُّ الجَبــانِ النَفْسَ أَورَدَهُ البَقــا
وحُـبُّ الشُـجاعِ الحَـرْبَ أَورَدَهُ الحَرْبا
ويَخــتَلِفُ الرِزْقــانِ والفِعـلُ واحِـدٌ
إلـى أَنْ تَـرَى إِحسـانَ هـذا لِـذا ذَنْبا
* * *
وكــــم ذَنْـــبٍ مُوَلِّـــدُهُ دَلالٌ
وكـــم بُعـــدٍ مُوَلِّــدُهُ اقــتِرابُ
وجُـــرمٍ جَــرَّهُ سُــفهاءُ قَــومٍ
وَحَــلَّ بِغَــيرِ جارِمِــهِ العَــذابُ
* * *
وإنْ تكُـنْ تَغلِـبُ الغَلبـاءُ عُنصُرَهـا
فـإنَّ فـي الخَـمرِ مَعنًى لَيسَ في العِنَبِ
* * *
وَعــادَ فـي طَلَـبِ المَـتْروكِ تارِكُـهُ
إنَّــا لَنَغفُــلُ والأيَّـامُ فـي الطَلَـبِ
* * *
حُسْــنَ الحِضـارةِ مَجـلُوبٌ بِتَطْرِيٍـة
وفـي البِـداوةِ حُسْـنٌ غَـيرُ مَجـلُوبِ
* * *
لَيـتَ الحَـوادِثَ بـاعَتْنِي الَّـذي أَخَذَتْ
مِنّـي بحـلْمي الَّـذِي أَعْطَـتْ وتَجريبي
فَمــا الحَداثــةُ مــن حِـلْمٍ بِمانِعـةٍ
قـد يُوجَـدُ الحِـلْمُ فـي الشُبَّانِ والشِيبِ
* * *
وَمــا الخَــيلُ إلاَّ كـالصَديقِ قَلِيلـةٌ
وإن كَـثُرَت فـي عَيْـنِ مَـن لا يُجرِّبُ
* * *
لَحَـى اللُـه ذي الدُنيـا مُناخًـا لِـراكِبٍ
فكُــلُّ بَعِيــدِ الهَــمِّ فيهـا مُعـذَّبُ
* * *
وكُـلُّ امـرِىءٍ يُـولي الجَـمِيلَ مُحببٌ
وكُــل مَكــانٍ يُنبِـتُ العِـزَّ طَيـبُ
* * *
وأَظلَـم أَهـل الظُلْـمِ مَـن بـاتَ حاسدًا
لِمَــن بــات فــي نَعمائِـهِ يَتَقَلـبُ
* * *
وللســرِّ مِنّــي مَــوضِعٌ لا يَنالُـهُ
نَــدِيمٌ وَلا يُفضِــي إليــهِ شَـرابُ
* * *
أَعَـزُّ مَكـانٍ فـي الـدُنَى سَـرجُ سابِحٍ
وخَــيرُ جَـليسٍ فـي الزَمـانِ كتـابُ
* * *
وَمـا أَنـا بِالبـاغي عـلى الحُبّ رِشوةً
ضَعِيـفُ هَـوًى يُبغـى عليـهِ ثَـوابُ
* * *
إذا نلــتُ منـكَ الـود فالمـال هَيـن
وكُــل الَـذي فَـوَقَ الـتُرابِ تـرابُ
* * *
ومَـــن جَـــهِلَت نَفســهُ قَــدرَهُ
رَأًى غَــيرُهُ مِنــهُ مــا لا يَــرَى
* * *
نَحــنُ بنُــو المــوَتَى فَمـا بالُنـا
نَعــافُ مــا لابُــدَّ مــن شُـربِهِ
* * *
لــو فكَّــرَ العاشِــقُ فـي مُنتَهـى
حســنِ الَّــذي يَســبِيهِ لـم يَسْـبهِ
* * *
يَمــوتُ راعـي الضَّـأَنِ فـي جَهلِـه
مِيتـــةَ جــالِينُوسَ فــي طِبِّــهِ
* * *
وغايـــةُ المُفْــرطِ فــي سِــلْمِهِ
كَغَايـــةِ المفُــرطِ فــي حَرْبِــهِ
فَـــلا قَضَــى حاجَتَــهُ طــالِبٌ
فُـــؤادُهُ يَخـــفِقُ مــن رُعْبِــهِ
فــي النــاس أَمثِلَـةٌ تَـدُورُ حَياتُهـا
كَمَماتِهـــا ومَماتُهـــا كَحَياتِهـــا
* * *
عِشْ عَزيــزاً أَو مُـت وَأَنـتَ كَـريم
بيــن طَعــنِ القَنـا وخـفْقِ البنـود
* * *
فَــاطْلُبِ العِـزَّ فـي لظَـى وَدَعِ الـذُّ
لَّ وَلَــو كــانَ فـي جِنـانِ الخـلُودِ
يقتــل العـاجِزُ الجبَـانُ وقَـد يَـعـ
جــزُ عَــن قَطْـعِ بُخْـنُقِ المولـودِ
* * *
لا بِقَـومي شَـرفْتُ بـل شَـرفوا بـي
وبنفْســـي فَخَــرت لا بِجُــدودي
* * *
وَمــا مــاضي الشــبابِ بمسـتَردٍّ
وَلا يَــــوم يمُـــر بمســـتعادِ
* * *
متـى مـا ازددتُ مـن بَعـدِ التنـاهي
فقــد وَقَـعَ انتِقـاصي فـي ازْدِيـادي
* * *
فــإن الجُــرحَ يَنفِــر بعـد حـينٍ
إذا كــانَ البِنــاءُ عــلى فســاد
* * *
وَمِـن نَكَـدِ الدنيـا عـلى الحُرِّ أَن يَرَى
عَــدُوًّا لــهُ مـا مـن صَداقَتِـه بُـدُّ
* * *
إِذا غَــدَرَتْ حَسْـناء وفَّـتْ بِعَهْدِهـا
فَمِـنْ عَهْدِهـا أَنْ لا يَـدُومَ لَهـا عَهْـدُ
وإنْ عَشِــقَتْ كــانَتْ أَشَـدَّ صَبابَـةً
وإِنْ فَـرِكَتْ فـاذْهبْ فمـا فِرْكُهـا قَصْدُ
وإِنْ حَـقَدَتْ لـم يبْـقَ فـي قَلْبِها رِضًى
وإِنْ رَضِيَـتْ لـم يبْـق فـي قلبِها حِقدُ
كَــذلِكَ أَخْــلاقُ النِّســاءِ ورُبَّمــا
يَضِـلُّ بهـا الهـادِي ويخْـفَى بِها الرُّشدُ
* * *
وحـيدٌ مِـنَ الخُـلانِ فـي كُـلِّ بَلـدةٍ
إِذا عَظُــمَ المَطلــوبُ قَـلَّ المُسـاعِدُ
* * *
ولكــنْ إِذا لــم يَحـمِلِ القَلـبُ كَفَّـهُ
عـلى حالـةٍ لـم يَحِـملِ الكَـفَّ ساعِدُ
* * *
بِـذا قَضَـتِ الأَيَّـامُ مـا بيـنَ أَهلِهـا
مَصــائِبُ قَــومٍ عِنْـدَ قَـومٍ فَوائِـدُ
* * *
وكُـلٌّ يَـرَى طُـرْقَ الشَـجاعةِ والنَدَى
ولكِـــنَّ طَبْــعَ النَفسِ للنَفسِ قــائِدُ
* * *
فــإِنَّ قَلِيـلَ الحُـبِّ بِـالعَقلِ صـالِحٌ
وإِنَّ كَثِــيرَ الحُــبِّ بـالجَهْلِ فاسِـدُ
* * *
لكـل امـرئٍ مـن دَهـرِهِ مـا تَعـوَّدا
وَعـادةُ سَـيفِ الدولـةِ الطّعْنُ في العِدَى
* * *
ومَـن يَجـعَلِ الضِرغـامَ للصَيـدِ بازَه
تَصَيَّــدَهُ الضِرغــامُ فيمــا تَصَيَّـدا
* * *
ومــا قَتـلَ الأَحـرارَ كـالعَفوِ عَنهُـمُ
ومَـن لَـكَ بِـالحُرِّ الَّـذي يَحـفَظُ اليَدا
إذا أنــت أَكــرَمتَ الكَـريمَ مَلَكتَـهُ
وإِن أَنــتَ أكــرَمتَ اللَّئِـيمَ تمَـرَّدا
ووضْـعُ النَدى في مَوضعِ السَيف بِالعُلَى
مُضِـرٌّ كوَضعِ السَّيفِ في مَوضِعِ النَدَى
* * *
أوَدُّ مـــنَ الأيَّــامِ مــا لا تَــوَدُّهُ
وأشــكُو إلَيهــا بَينَنـا وَهْـيَ جُـندُهُ
* * *
أبَــى خُــلُقُ الدُنيـا حَبِيبـاً تُدِيمُـهُ
فَمــا طَلَبــي منهــا حَبِيبـاً تَـرُدُّهُ
وأًســرَعُ مَفعُــولٍ فعَلــتَ تَغَـيُّراً
تكَــلُّفُ شـيءٍ فـي طِبـاعِكَ ضِـدُّهُ
* * *
وأتعَــبُ خَـلقِ اللِّـه مَـن زادَ هَمُّـهُ
وقَصَّــرَ عَمَّـا تَشـتَهِي النَفسُ وَجـدُهُ
فـلا يَنَحـلِلْ فـي المَجـدِ مـالُكَ كُلُّـهُ
فيَنْحَــل مَجــدٌ كـانَ بِالمَـالِ عَقـدُهُ
ودَبِّــرهُ تَدبِــيرَ الَّـذي المَجـدُ كَفُّـهُ
إذا حــارَبَ الأعـداءَ والمَـالُ زَنـدُهُ
فَـلا مَجـدَ فـي الدُنيـا لِمَـنْ قَـلُّ مالُهُ
وَلا مـالَ فـي الدُنيـا لِمَـن قَـلَّ مَجدُهُ
* * *
ومــا الصــارِمُ الهِنـدِيُّ إلا كَغـيرِهِ
إذا لــم يُفارِقْــهُ النِجــادُ وغِمــدُهُ
* * *
وإِذا الحِـــلمُ لــم يَكُــنْ طِبــاعٍ
لــم يَكُــنْ عــن تَقَــادُمِ المِيـلادِ
* * *
نـامَت نواطِـيرُ مِصـرٍ عَـن ثَعالِبِهـا
فقــد بَشِــمْنَ ومـا تَفْنـى العنـاقيدُ