أحب أن أبقى حاوية قمامة
(إلى بريء خليل كي تنسى مقاس قدمها)
منذ ولد وهو يسمع نقر الخطي كل شتاء تتدحرج باتجاه غرفته هذا الشتاء لم يسمع شيئا, مع حلول نيسان اهترأت أذنيه من الصمت وسقطتْ لم يدهشه الأمر… لكنه تحول إلى غبار.
فيما مضى كان يحمل شمعة وبخور وسجادة صلاة لكنه لا يدخل دور العبادة أبدا بل يذهب إلى قبر أمه ويقول: يارب… يارب النجمة التي علقتْ في شباك العنكبوت لأنكَ أردتْ أن ُتضاء زاوية البيت, أعطني ما يكفي من اللطف لأقود خراف الغيوم الماطرة إلى المراعي, أعطيني القليل من الوقت لأعلق على باب دكاني (سأعود بعد قليل) دكاني الذي تزوره كل حشراتك لتأكل, القليل… لأبني منزلا من الفواكه شرفته الكستناء وبلور النوافذ حبات الكرز وستائره الزهور أعطني هذا القليل ليسبحَ باسمك العشب والكائنات والعابرون أمام منزلي, يارب أنا لست نظيفا لكنك تعلم (أن المياه النظيفة جدا لا تعيش فيها الأسماك).
ذات مرة رآه عامل النظافة يأكل أوساخ المدينة فنعته بحاوية القمامة, الشعراء قالوا أن في عينيه عشبتين أجمل من قصيدة نثر لأونسي الحاج, والعرافة التي جاءت من بلاد الثلج همست: إنه لقيط من عمل فراشة اغتصبت حقل أقحوان, خشبة المسرح للحضور:هذا الذي وهب إحدى قدميه لشجرة تحلم بالسفر ونبت له جناحان صغيران كنحلة, والمبشرون بالوصية الحادية عشر قالوا أنه سيغرس قدمه الوحيدة ذات الخمسين إصبعا في التراب ويمد يده سلة للسماء لتُملأ مغفرة ونعماً.
فيما مضي كان سكان القرية يأتون إليه مع الخريف ليرموا خطاياهم داخله, وحين يأتي الشتاء كان يدعوهم ليشربوا معه القهوة الغريبة المذاق في فناجين من الضوء ثم يأخذوا مايشاؤون من الفرح والطحين والأحذية والأحلام.
أنت: تشبه الآلهة, فأجابهم أحب أن أبقى حاوية قمامة ترمون بها خطاياكم.
حين علم سكان القرية أنه خيميائي يحول الخطايا إلى قهوة وفرح وطحين وأحذية وأحلام انفضوا عنه… فتحول إلى غبار عجوز على نافذة لبيت سيباع بالمزاد العلني, وحدها الريح معبودة الشجر والغيوم كانت تأتي كل مساء ترمي خطايا العالم قربه تشرب معه القهوة وتمضي.
رامي نور
ramenoor@hotmail.com