25يقول : لا تخفوا من الله ما تضمرون من الغدر ونقض العهد ليخفى على الله ومهما يكتم من شيء يعلمه الله ، يريد أن الله عالم بالخفيات والسرائر ولا يخفى عليه شيئ من ضمائر العباد ، فلا تضمروا الغدر ونقض العهد فإنكم إن أضمرتموه علمه الله ، وقوله يكتم الله أي يكتم من الله
26أي يؤخر عقابه في كتاب فيدخر ليوم الحساب أو يعجل العقاب في الدنيا قبل المصير إلى الآخرة فينتقم من صاحبه ، يريد لا مخلص من عقاب آجلا أو عاجلا
27الذوق : التجربة ، الحديث المرجم : الذي يرجم فيه بالظنون أي يحكم فيه بظنونها يقول : ليست الحرب إلا ما عهدتموها وجربتموها ومارستم كراهتها وما هذا الذي أقوله بحديث مرجم عن الحرب ، أي هذا ما شهدت عليه الشواهد الصادقة من التجارب وليس من أحكام الظنون
28الضرى : شدة الحرب واستعار نارها ، وكذلك الضراوة ، والفعل ضري بضرى ، والإضراء والتضرية الحمل على الضراوة ، ضرمت النار تضرم ضرما واضطرمت وتضرمت : التهبت ، وأضرمتها وضرمتها : ألهبتها يقول : متى تبعثوا الحرب مذمومة أي تذمون على إثارتها ، وشتد ضرمها إذ حملتموها على شدة الضرى فتلتهب نيرانها ، وتلخيص المعنى : إنكم إذ أوقدتم نار الحرب ذممتم ومتى أثرتموها ثارت وهيجتموها فهو يحثهم على التمسك بالصلح ويعلمهم سوء عاقبة إيقاد نار الحرب
29ثفال الرحى : خرقة أو جلدة تبسط تحتها ليقع الطحين . والباء في قوله بثفالها بمعنى مع ، اللقح واللقاح حمل الولد ، يقال : لقحت الناقة والإقاح جعلها كذلك ، الكشاف : أن تلقح نعجة في السنة مرتين أنتجت الناقة إنتاجا إذا ولدت عندي ن ونتجت الناقة تنتج ، الاتآم : أن تلد الأنثى توأمين ، وامرأة متآم إذا كان ذلك دأبها ، والتوأم ، بجمع على التؤام يقول : وتعرككم الحرب عرك الرحى الحب مع ثفاله ، وخص تلك الحالة لأنه لا يبسط إلا عند الطحن ، ثم قال ك وتلقح الحرب في السنة مرتين وتلد توأمين ، جعل إنفاء الحرب إياهم بمنزلة طحن الرحى الحب وجعل صنوف الشر تتولد من تلك الحروب بمنزلة الأولاد الناشئة من الأمهات ، وبالغ في وصفها باستتباع الشر شيئين : احدهما جعله إياها لاقحة كشافا ، والآخر إتآمها
30الشؤم : ضد اليمن ، ويقا رجل مشؤوم ورجال مشائيم كما يقال رجل ميمون ورجال ميامين ، الأشأم أفعل من الشؤم ، وهو مبالغة المشؤوم وكذلك الأيمن مبالغة الميمون ، وجمعه الأشائم ، وأراد بأحمر عاد أحمر ثمود وهو عاقر الناقة ، واسمه قدار بن سالف يقول : فتولد لكم أبناء في أثناء تلك الحروب كل واحد منهم بضاهي في الشؤم عاقر الناقة ، ثم ترضعهم الحروب وتقطعهم ، أي تكون ولادتهم ونشؤهم في الحرب فيصبحون مشائيم على آبائهم
31أغلت الأرض تغل إذا كانت لها غلة ، أظهر تضعيف المضاعف في محل الجزم والبناء على الوقف ، يتهكم ويهزأ بهم يقول : فتغل لكم الحروب حينئذ ضروبا من الغلات لا يكون مثلها لقرى من العراق التي تغل الدراهم بالقفيزات ، وتلخيص المعنى أن المضار المتولدة من هذه الحروب تربي على المنافع المتولدة من هذه القرى كل هذا حث منه لهم على الاعتصام بحبل الصلح وزجر لهم عن الغدر بإيقاد نار الحرب يقول : لم يتقدم بما أخفى فيعجل به ولكن أخره حتى يمكنه
32جر عليهم : جنى عليهم ، والجريرة الجناية ، والجمع الجرائر ، يؤاتيهم : يوافقهم ، وهذه المؤاتاة هي قتل ورد بن حابس العبسي هرم بن ضمضم قبل هذا الصلح ، فلما اصطلحت القبيلتان عبس وذبيان استتر وتوارى حصين بن ضمضم لئلا يطالب بالدخول في الصلح ، وكان ينتهز الفرصة حتى ظفر برجل من عبس فشد عليه فقتله فركبت عبس فاستقر الأمر بين القبيلتين عل عقل القتيل يقول : أقسم بحياتي لنعمت القبيلة جنى عليهم حصين بن ضمضم وإن لم يوافقوه في إضمار الغدر ونقض العهد
33الكشح منقطع الأضلاع ، والجمع كشوح ، والكاشح المضمر العداوة في كشحه ، وقيل نبل هو من وقولهم : كشح يكشح كشحا إذا أدبر وولى وإنما سمي العدو كاشحا لإعراضه عن الود والوفاق ، ويقال طوى كشحه على كذا أي أضمر في صدره ، الاستكنان : طلب الكن ، والاستكنان الاستتار ، وهو في البيت على العنى الثاني ، فلا هو أبداها أي فلم يبدها وليكون لا مع الفعل الماضي بمنزلة لم مع الفعل المستقبل في المعنى ، كقوله تعال "فلا صدق ولا صلى" أي فلم يصدق ولم يصل ، وقوله تعالى :"فلا اقتحم العقبة" أي لم يقتحمها يقول : وكان حصين أضمر في صدره حقدا وطوى كشحه على نية مستترة فيه ولم يظهرها لأحد قبل ولم يتقد عليها قبل إمكانه الفرصة
34يقول : وقال حصين في نفسه : سأقضي حاجتي من قتل قاتل أخي أو قتل كفؤ له ثم أجعل بيني وبين عدوي الف فارس ملجم فرسه أو ألفا من الخيل ملجما
35الشدة : الحملة ، وقد شد عليه يشد شدا ، الإفزاع : الاخافة أم قشعم : كنية الموت يقول : فحمل حصين على الرجل الذي رام أن يقتله بأخيه ولم يفزع بيوتا كثيرة ، أي لم يتعرض لغيره عند ملقى رحل المنية ، وملقى الرحل : المنزل ، لأن المسافر يلقي به رحله ، اراد عند منزل المنية
36شاكي السلاح وشائك السلاح وشاك السلاح ، أي تام السلاح ، كله من الشوكة وهي العدة والقوة ، مقذف : أي يقذف به كثيرا إلى الوقائع ، والتقذيف القذف ، اللبد : جمع لبدة الآسد وهي ما تلبد من شعر على منكبيه يقول : عند أسد تام السلاح يصلح لان يرمى به إلى الحروب . فالرجل يشبه أسدا له لبدتان لم تقلم براثنه ، يريد أنه لا يعتريه ضعف ولا يعييه عدم شوكة كما أن الاسد لا يقل براثنه ، والبيت كله من صفة حصين
37الجرأة والجراءة : الشجاعة ، والفعل جرؤ يجرؤ وقد جرأته عليه ن بدأت بالشيء أبدأ به مهموز فقلبت الهمزة ألفا ثم حذفت للجازم يقول : وهو شجاع منى ظلم عاقب الظالم بظلمه سريعا ، وإن لم يظلمه أحد ظلم الناس إظهارا لغنائه وحسن بلائه ، والبيت من صفة أسد في البيت الذي قبله وعنى به حصينا ، ثم اضرب عن قصته ورجع إلى تقبيح صورة الحرب والحث على الاعتصام بالصلح
38الرعي يقتصر على مفعول واحد : رعت الماشية الكلأ ، وقد يتعدى الى مفعولين نحو : رعيت الماشية الكلأ ورعى الكلأ نفسه الظمء : ما بين موردين ،والجمع الاظماء ، الغمار: جمع غمر وهو الماء الكمثير ، التفري : التشقق يقول: رعوا إبلهم الكلأ حتى إذا تم الظمء اوردوها مياها كثيرة ، وهذا كله استعارة ، والمعنى أنهم كفوا عن القتال وأقلعوا عن النزال مدة معلومة كما ترعى الابل مدة معلومة ثم عاودوا الوقائع كما تورد الابل بعد الرعي فالحروب بمنزلة الغمار ولكنها تنشق عنهم باستعمال السلاح وسفك الدماء
39قضيت الشيء وقضيته : أحكمته وأتممته أصدرت : ضد أوردت ، استوبلت الشيء : وجدته وبيلا ، واستوخمته وتوخمته : وجدته وخيما ، والوبيل والوخيم : الذي لا يستمرا يقول : فأحكموا وتمموا منايا بينهم أي قتل كل واحد من الحيين صنفا من الآخر فكأنهم تمموا منايا قتلاهم ثم أصدروا إبلهم بعد كلإ وبيل وخيم أي ، ثم أقلعوا عن القتال والقراع واشتغلوا بالاستعداد له ثانيا كما تصدر الإبل فترعى إلى أن تورد ثانيا ، وجعل اعتزامهم على الحرب ثانية والاستعداد لها بمنزلة كلإ وبيل وخيم ، كما جعل استعدادهم للحرب أولا وخوضهم غمراتها وإقلاعهم عنها زمنا وخوضهم إياها ثانية بمنزلة رعي الإبل أولا ، وإيرادها وإصدارها ورعيها ثانيا ، وشبه تلك الحال بهذه الحال ، ثم أضرب عن هذا الكلام وعاد إلى مدح الذين يعقلون القتلى ويدفعون الديات
40يقول : أقسم ببقائك وحياتهم أن رماحهم لم تجن عليهم دماء هؤلاء ، أي لم يسفكوها ولم يشاركوا قاتليهم في سفك دمائهم ، والتأنيث في شاركت الرماح يبين براءة ذممهم عن سفك دمهم ليكون ذلك أبلغ في مدحهم بعقلهم القتلى
41مضى شرح هذا البيت في أثناء شرح البيت الذي قبله
42عقلت القتيل : وديته ، وعقلت عن الرجل أعقل عنه ، أديت عنه الدية التي لزمته ، وسميت الدية عقلا لأنها تعقل الدم عن السفك أي تحقنه وتحبسه ، وقيل بل سميت عقلا لأن الوادي كان يأتي بالإبل إلى أقنية القتيل فيعقلها هناك بعقلها ، فعقل على هذا القول بمعنى المعقول ، ثم سميت الدية عقلا وإن كانت دنانير ودراهم ، والأصل ما ذكرنا ، طلعت الثنية وأطلعتها : علوتها ، المخرم : منقطع أنف الجبل والطريق فيه ، والجمع المخارم يقول : فكل واحد من القتلى أرى العاقلين يعقلونه بصحيحات ابل تعلو في طرق الجبال عند سوقها إلى أولياء المقتولين
43حلال : جمع حال ، مثل صاحب وصحاب ، وصائم وصيام ، وقائم وقيام ، يعصم : يمنع ، الطروق : الإتيان ليلا ، والباء في قوله بمعظم يجوز كونه بمعنى مع وكونه للتعدية ، أعظم الأمر أي سار إلى حال العظم ، كقولهم : أجز البر وأجد التمر وأقطف العنب ، أي يعقلون القتلى لأجل حي نازلين يعصم أمرهم جيرانهم وحلفاءهم إذا اتت إحدى الليالي بأمر فظيع وخطب عظيم ، أي إذا نابتهم عصموهم ومنعوهم
44الضغن والضغينة واحد : وهو ما استكن في القلب من العداوة ، والجمع الأضغان والضغائن ، التبل : الحقد ، والجمع التبول . الجارم والجاني واحد ، والجارم : ذو الجرم كاللابن والتامر يمعنى ، ذي اللبن وذي التمر ، الإسلام : الخذلان يقول : لحي كرام لا يدرك ذو الوتر وتره عندهم ولا يقدر على الانتقام منهم من ظلموه وجنى عليه بعض فتيانهم وحلفائهم وجيرانهم
45سئمت الشيئ سآمة : مللته ، التكاليف : المشاق والشدائد ، لا أبالك : كلمه جافية لا يراد بها هنا الجفاء وإنما يراد بها التنبيه والإعلام يقول : مللت مشاق الحياة وشدائدها ، ومن عاش ثمانين سنة مل الكبر لا محالة
46يقول : وقد يحيط علمي بما مضى وما حضر ولكني عمي القلب عن الإحاطة بما هو منتظر و متوقع
47الخبط : الضرب باليد ، والفعل خبط يخبط ، العشواء : تأنيث الأعشى ، والياء في عشي منقلبة عن الواو كما كانت في رضي منقلبة عنها ، والعشواء : الناقة التي لا تبصر ليلا ، ويقال في المثل : هو خابط خبط عشواء ، أي قد ركب رأسه في الضلالة كالناقة التي لا تبصر ليلا فتخبط بيديها على عمى فربما تردت في مهواة وربما وطئت سبعا أو حية أو غير ذلك قوله : ومن تخطئ ، أي ومن تخطئه ، فحذف المفعول ، وحذفه سائغ كثير في الكلام والشعر والتنزيل ، التعمير : تطويل العمر يقول : رأيت المنايا تصيب الناس على غير نسق وترتيب وبصيرة كما أن هذه الناقة تطأ على غير بصيرة ، ثم قال : من أصابته المنايا أهلكته ومن أخطأته أبقته فبلغ الهرم
48يقول : ومن لم يصانع الناس ولم يدارهم في كثير من الأمور قهروه وأذلوه وربما قتلوه كالذي يضرس بالناب ويوطأ بالمنسم ، الضرس : العض على الشيئ بالضرس ، والتضريس مبالغة ، المنسم للبعير : بمنزلة السنبك للفرس ، والجمع المناسم
49يقول : ومن جعل معروفه ذابا ذم الرجال عن عرضه وجعل إحسانه واقيا عرضه - وفر مكارمه ، ومن لا يتق شتم الناس إياه شتم : يريد أن من بذل معروفه صان عرضه ، ومن بخل بمعروفه عرض عرضه للذم والشتم ، وفرت الشيء أفره وفرا : أكثرته ؛ ووفرته فوفر وفورا
50يقول : من كان ذا فضل ومال فبخل به استغني عنه وذم ، فأظهر التضعيف على لغة أهل الحجاز ، لأن لغتهم إظهار التضعيف في محل الجزم والبناء على الوقف
51وفيت بالعهد أفي به وفاء وأوفيت به إيفاء ، لغتان جيدتان والثانية أجودهما لأنها لغة القرآن ، قال الله تعالى :"وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم" ، ويقال هديته الطريق وهديته إلى الطريق وهديته للطريق يقول : ومن أوفى بعهده لم يلحقه ذم ، ومن هدى قلبه إلى بر يطمئن القلب إلى حسنه ويسكن إلى وقوعه موقعه لم يتمتع في إسدائه وإيلائه
52يقول : من خاف وهاب أسباب المنايا نالته ولم يجد عليه خوفه وهيبته إياها نفعا ولو رام الصعود إلى السماء فرارا منها
53يقول : ومن وضع اياديه في غير من استحقها ، أي من أحسن إلى من لم يكن اهلا للاحسان إليه والامتنان عليه ، ذمه الذي أحسن اليه ولم يحمده وندم المحسن الواضع إحسانه في غير موضعه
54الزجاج ، جمع زج الرمح : وهو الحديد المركب في اسفله ، وإذا قيل : زج الرمح ، عني به ذلك الحديد والسنان ، اللهذم : السنان الطويل ، عالية الرمح ضد سافلته والجمع العوالي ، إذا التقت فئتان من العرب سددت كل واحدة منهما زجاج الرماح نحو صاحبتها وسعى الساعون في الصلح ، فإن أبتا إلا التمادي في القتال قلبت كل واحدة منهما للرماح واقتتلتا بالأسنة يقول : ومن عنصى أطراف الزجاج أطاع عوالي الرماح التي ركبت فيها الأسنة الطوال ، وتحرير المعنى: من أبى الصلح ذللته الحرب ولينته ، وقوله يطيع العوالي ، كان حقه أن يقول : يطيع العوالي ، بفتح الياء ، ولكنه سكن الياء لإقامة الوزن وحمل النصب على الرفع والجر لأن هذه الياء مسكنة فيهما ، ومثله قول الراجز : كأن أيديهن بالقاع الفرق أيدي جوار يتعاطين الورق
55الذود : الكف والردع يقول : ومن لا يكف اعداءه عن حوضه بسلاحه هدم حوضه ، ومن كف عن ظلم الناس ظلمه الناس ، يعني من لم يحم حريمه استبيح حريمه واستعار الحوض للحريم
56يقول : من سافر واغترب حسب الأعداء أصدقاء لأنه لم يجريهم فتوقفه التجارب على ضمائر صدورهم ، ومن لم يكرم نفسه بتجنب الدنايا لم يكرمه الناس
57يقول : ومهما كان للانسان من خلق فظن انه يخفى على الناس علم ولم يخف ، والخلق والخليقة واحد ، والجمع الأخلاق والخلائق . وتحرير المعنى : أن الاخلاق لا تخفى والتخلق لا يبقى
58في كائن ثلاث لغات : كأين وكائن وكئن ، مثل كعين وكاعن وكع ، الصمت والصمات والصموت واحد ، والفعل صمت يصمت يقول : وكم صامت يعجبك صمته فتستحسنه وإنما تظهر زيادته على غيره ونقصانه عن غيره عند تكلمه
59هذا كقول العرب : المرء بأصغريه لسانه وجنانه
60إذا كان الشيخ سفيها لم يرج حلمه لأنه لا حال بعد الشيب إلا الموت ، والفتى إن كان نزقا سفيها أكسبه شيبه حلما ووقارا ، ومثله قوله صالح بن عبد القدوس : والشيخ لا يترك أخلاقه حتى يوارى في ثرى رمسه
61يقول : سألناكم رفدكم ومعروفكم فجدتم بهما فعدنا الى السؤال وعدتم الى النوال ، ومن أكثر السؤال حرم يوما لا محالة ، والتسآل : السؤال ، تفعال من ابنية المصادر