الأولمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الأولمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــب

للإبداع الأدبي الحقيقي بحثا عن متعة المغامرة
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 معلقة النابغة الذبيانى

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
محمد سلطان
مشرف
مشرف
محمد سلطان


عدد الرسائل : 159
تاريخ التسجيل : 18/04/2007

معلقة النابغة الذبيانى Empty
مُساهمةموضوع: معلقة النابغة الذبيانى   معلقة النابغة الذبيانى Icon_minitime29/5/2007, 18:46

يا دارَ ميَّةَ بالعَلياءِ فالسَّندِ
أقوَت وطالَ عليها سالِفُ الأبَدِ
وقفتُ بها أصَيلاً كي أُسائلَها
عيَّت جَواباً وما بالرَّبع من أحدِ
إلاّ الأَوارِيَّ لَأياً ما أبيّنُها
والنُؤيَ كالحوضِ بالمظلومةِ الجلَدِ
رَدّت عليهِ أقاسيهِ ولَبَّدَهُ
ضَربُ الوَليدَةِ بالمِسحاةِ في الثَّأَدِ
خَلَّتْ سَبيلَ أَتِيٍّ كانَ يَحْبِسُهُ
ورفَّعَتهُ إلى السَّجفَين، فالنَّضَد
أَمْستْ خَلاءً، وأَمسَى أَهلُها احتَمَلُوا
أَخْنى عَليها الّذي أَخْنى على لُبَدِ
فَعَدِّ عَمَّا ترى، إذ لا ارتجاعَ لهُ
وانْمِ القُتُودَ على عيْرانَةٍ أُجُدِ
مَقذوفَةٍ بِدَخيسِ النَّحضِ، بازِلُها
له صريفٌ، صَريفُ القَعْوِ بالمَسَدِ
كأَنَّ رَحْلي، وقدْ زالَ النَّهارُ بنا
يومَ الجليلِ، على مُستأنِسٍ وحِدِ
مِنْ وَحشِ وَجْرَةَ، مَوْشِيٍّ أَكارِعُهُ
طاوي المصيرِ، كسيفِ الصَّيقل الفَرَدِ
سَرتْ عليهِ، مِنَ الجَوزاءِ، ساريَةُ
تَزجِي الشَّمَالُ عليهِ جامدَ البَرَدِ
فارتاعَ مِنْ صَوتِ كَلَّابٍ، فَبَاتَ لَهُ
طَوعَ الشَّوَامتِ منْ خوفٍ ومنْ صَرَدِ
فبَّهُنَّ عليهِ، واستَمَرَّ بهِ
صُمْع الكُعُوبِ بَريئاتٌ منَ الحَرَدِ
وكانَ ضُمْرانُ مِنهُ حَيثُ يُوزِعُهُ
طَعْنَ المُعارِكِ عندَ المُحْجَرِ النَّجُدِ
شَكَّ الفَريصةَ بالمِدْرَى، فأننفذها
طَعْنَ المُبَيطِرِ، إذْ يَشفي من العضَدِ
كأَنَّه، خارجا منْ جنب صَفْحَتِهِ
سَفّودُ شِرْبٍ نَسُوهُ عندَ مُفْتَأَدِ
فَظلّ يَعْجُمُ أَعلى الرَّوْقِ، مُنقبضاً
في حالِكِ اللّنِ صَدْقٍ، غَيرِ ذي أَوَدِ
لَمَّا رَأَى واشِقٌ إِقعَاصَ صاحِبِهِ
ولا سَبيلَ إلى عَقْلٍ، ولا قَوَدِ
قالتْ لهُ النَّفسُ: إنِّي لا أرَى طَمَعاً
وإنَّ مولاكَ لَمْ نَسلَمْ، ولَمْ يَصِدِ
فتلكَ تُبْلغُني النُّعمانَ، إنَّ لهُ فَضلاً
على النّاس في الأَدنى، وفي البَعَدِ
ولا أَرى فاعِلاً، في النّاس، يُشبهُهُ
ولا أُحاشي، منَ الأَقوامِ، من أحدِ
إلَّا سُليمانَ، إذْ قالَ الإلهُ لهُ
قُمْ في البَريَّة، فاحْدُدْها عنِ الفَنَدِ
وخيّسِ الجنّ! إنِّي قدْ أَذنتُ لهم
يبنونَ تدْمُرَ بالصُّفّاحِ والعمدِ
فمن أطاعكَ، فانفعهُ بطاعتهِ
كما أطاعكَ، وادلُلهُ على الرَّشَدِ
ومن عصاكَ، فعاقبهُ معاقبةً
تنهى اللظَّلومَ، ولا تقعد على ضَمَدِ
إلَّا لمثلكَ، أو من أنت سابقُهُ
سَبقَ الجوادِ، إذا اشتولى على الأَمَدِ
أعطى لفارهةٍ، حُلوٍ توابعها
من المواهبِ لا تُعطى على نَكَدِ
الواهِبُ المائَةِ المَعْكاءِ، زَيَّنها
سَعدانُ تُضِحَ في أَوبارِها اللِّبَدِ
والأُدمَ قدْ خُيِّستْ فُتلاَ مَرافِقُها
مشدودةَ برحالِ الحيرةِ الجُدُدِ
والرَّاكضاتِ ذُيولَ الرّيْطِ، فانَقَها
بَرْدُ الهواجرِ، كالغِزْلانِ بالجَرَدِ
والخيلَ تمزَعُ غرباً في أعِنَّتها كالطَّيرِ
تنجو من الشّؤبوبِ ذي البَرَدِ
احكُمْ كحُكمِ فتاةِ الحيِّ، إذْ نظرَت
إلى حَمامِ شِراعٍ، وارِدِ الثَّمَدِ
يَحُفّهُ جانبا نيقٍ، وتُتْبِعُهُ
مِثلَ الزُّجاجةِ، لم تُكحَل من الرَّمَدِ
قالت: ألا ليتما هذا الحمامُ لنا
إلى حمامتنا ونصفُهُ، فَقَدِ
فحَسَّبوهُ، فألفوهُ، كما حَسَبَتْ
تِسعاً وتسعينَ لم تَنقُصْ ولم تَزِدِ
فكمَّلَتْ مائَةً فيها حَمامَتُها
وأسرعت حِسبةً في ذلك العَددِ
فلا لَعمرُ الذي مسَّحتُ كعبَتَهُ وما
هُريقَ، على الأَنصابِ، من جَسَدِ
والمؤمنِ العائذاتِ الطَّيرَ، تمسحُها
رُكبانُ مكَّةَ بينَ الغيْلِ والسَّعَدِ
ما قُلتُ من سيّءٍ ممّا أُتيتَ بهِ
إذاً فلا رفَعَتْ سوطي إلىَّ يدي
إلاّ مَقالة أقوامٍ شقيتُ بها
كانتْ مقالَتُهُم قرعاً على الكبِدِ
إذاً فعاقَبَني ربّي مُعاقَبةً
قَرَّتْ بها عينُ من يأبيكَ بالفَنَدِ
أُنبئتُ أنَّ أبا قابوسَ أوعدّني
ولا قَرارَ على زأرٍ من الأسَدِ
مهلاً، فداءٌ لك الأقوامُ كلّهُمُ
وما أثَمّرُ من مالٍ ومن ولدِ
لا تقْذِفَنّي بُركْنٍ لا كِفاءَ له
وإن تأثّفَكَ الأعداءُ بالرِّفَدِ
فَما الفُراتُ إذا هبَّ الرِّياحُ له
ترمي أواذيُّهُ العِبْرينِ بالزَّبدِ
يمُدّهُ كلّ وادِ مُتْرَعٍ، لجبٍ
فيه رِكامٌ من الينبوبِ والخَضَدِ
يظلُّ من خوفِهِ، الملاَّحُ مُعتَصِماً
بالخَيزُرانَة، بعد الأينِ والنَّجَدِ
يوماً، بأجوَدَ منهُ سيْبَ نافِلَةٍ
ولا يَحولُ عطاءُ اليومِ دونَ غدِ
هذا الثَّناءُ، فإنْ تسمع به حَسَناً
فلمْ أُعرِّض، أبَيتَ اللّعنَ، بالصَّفدِ
ها إنَّ ذي عِذرَةٌ إلَّا تكن نَفَعَتْ
فإنَّ صاحبها مشاركُ النَّكَدِ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
حمدي علي الدين
المدير
المدير
حمدي علي الدين


ذكر عدد الرسائل : 1252
تاريخ التسجيل : 15/04/2007

معلقة النابغة الذبيانى Empty
مُساهمةموضوع: رد: معلقة النابغة الذبيانى   معلقة النابغة الذبيانى Icon_minitime30/5/2007, 02:23

النابغة الذبياني

(... - 18 ق. هـ = ... - 605 م)


هو زياد بن معاوية بن ضباب بن جابر بن يربوع بن مرّة بن عوف بن سعد، الذبياني، الغطفاني، المضري. شاعر جاهلي من الطبقة الأولى، من أهل الحجاز، ينتهي نسبه كما قال التبريزي إلى قيس بن عيلان، ويكنى بأبي أمامة، وقيل بأبي ثمامة، كما هو وارد في "الشعر والشعراء"، وبأبي عقرب على ما يذهب إليه البغدادي في خزانة الأدب. والنابغة لقب غلب على الشاعر، اختلف النقاد في تعليله وتفسيره، أما ابن قتيبة فيذكر أنه لقب بالنّابغة لقوله:
وحلّت في بني القين بن جسر- فقد نبغت لهم منا شؤون
وردّ ابن قتيبة هذا اللقب إلى قولهم: "ونبغ- بالشعر- قاله بعد ما احتنك وهلك قبل أن يهتر". وفي رأي البغدادي، أن هذا اللقب لحقه لأنه لم ينظم الشعر حتى أصبح رجلاً. وربّما كان اللقب مجازاً، على حدّ قول العرب: نبغت الحمامة، إذا أرسلت صوتها في الغناء، ونبغ الماء إذا غزر. فقيل: نبغ الشاعر، والشاعر نابغة، إذا غزرت مادة شعره وكثرت. ولا يعرف شيئاً يذكر عن نشأة الشاعر قبل اتصاله بالبلاط، فيما خلا ما نقله صاحب الروائع عن المستشرق دي برسفال، من مزاحمة النّابغة لحاتم الطائيّ على ماوية، وإخفاقه في ذلك.
ويذكر ابن قتيبة أن النّابغة كان شريفاً فغضّ الشعر منه، ويرى صاحب أدباء العرب أن النّابغة من سادات قومه، ويخالف هذا الاتجاه حين يقول: نشأ النّابغة في الوسط من قومه، لا في الذروة من الشرف. ويقول آخرون: ولا معنى لقول الرواة: أنه أحد الأشراف الذين غضّ الشعر منهم.
والنابغة من سادات قومه، لما كان للشعراء من منزلة في الجاهلية وللدور الذي لعبه في توسطه لقومه عند الغساسنة ومنعهم من حربهم، في مواقف عديدة. أما لماذا "غضّ الشعر منه" فزعم لا يقبله النقد الحديث، فقد كان النّابغة معزّزاً عند الملوك، ومكرماً في قومه، وإنما هو حسد الحاسدين الذين لم يقووا على الارتفاع إلى منزلة الشاعر، فراحوا يعيّرونه لتكسبه بالشعر، وربّما قصد بتلك الغضاضة هروبه من بلاط النعمان إثر حادثة "المتجردة".
كان أول اتصال النّابغة ببلاط الحيرة، دخوله على المنذر الثالث ابن ماء السماء في أواخر ملكه على ما يرجّح النقاد. ومع اندحار اللخميين أمام المناذرة في معركة يوم حليمة التي دارت بين جيش المنذر الثالث وجيش الحارث بن جبلة الغسّاني، فقد ظل النّابغة وطيد الصلة بالمناذرة إذ هنأ عمرو بن هند حين ارتقى العرش بعد أبيه. ولكن علاقة الشاعر بالمناذرة انقطعت بعد ذاك ولا سيما في الفترة بين (570- 580)، وهي الفترة التي مثّل فيها دور الشاعر السياسي، لاهتمامه آنذاك بحوادث حرب السباق. ومن الطبيعي أن يمثل النّابغة في حرب "السباق" دوراً له شأنه، وهو شاعر ذبيان الرفيع المكانة.
ولما كان للشعر، منزلته في نفوس القوم، ومكانته في مواطن المنافرة والخصومة إذ من شأنه أن يكسب القبيلة من القوة ومنعة الجانب، ما لا تظفر به في قتال، رأينا النّابغة الذبياني، يهتم في ظروف هذه الحرب، بأمور قومه فراح يخوض غمارها بشعره، لا بسيفه فكشف لنا بذلك عن جانب حيّ من شاعريته، وناحية رئيسة من شخصيته.
كان همّ الشاعر في تلك الرحى الدائرة، أن يرجّح كفة ذبيان، على عبس فاستهدف في شعره "السياسي": اصطناع الأحلاف لقبيلته، من أحياء العرب ومن بينها بنو أسد. وكما مثّل النّابغة دور الشاعر السياسي، في ظروف حرب داحس والغبراء فقد مثّل دور شاعر القبيلة، في التوسط لقومه عند الغساسنة في أكثر من موقف: كانت بعض القبائل العربية، تنتهز فرصة انشغال الغساسنة في حربهم ضد المناذرة، فتغير على أرض غسّان طمعاً في الغنيمة، ومن بين هذه القبائل، قوم الشاعر بنو ذبيان.
وكان الغساسنة بكتائبهم، يوقعون بهؤلاء المغيرين، فيأسرون رجالاً منهم وكثيراً ما وقع رجال من فزارة أقرباء ذبيان، في قبضة الغساسنة، فكان النابغة بما له من مكانة عند أمراء الغساسنة، يتلطّف في الشفاعة لهم، ويتوسط للعفو عنهم. وعندما رقي النعمان الثالث، أبو قابوس عرش الحيرة، أراد أن يظهر بمظهر الملك العزيز الجانب وينافس أعداءه الغسانيين بمظاهر العظمة. وكان النعمان على ما يظهر محباً للأدب أو كان يدرك على الأقل ما للشعر من أثر كبير في الدعاية للبلاط وتصويره بصورة الفخامة، وهكذا اجتمع في بلاطه جملة من الشعراء كان النّابغة أبرزهم وقد ترك آنذاك الغساسنة وعاد إلى الحيرة.
وتتفق روايات المؤرخين على أن النّابغة نال حظوة كبيرة عند النعمان الذي قرّبه إليه بعد أن أحسن وفادته. ولا شك أن الشاعر نزل من نفس الملك منزلة طيبة فآثره هذا بأجزل عطاياه وأوفر نعمه، مما لم ينله شاعر قبله، ويذكر أبو الفرج في أغانيه أن النّابغة كان يأكل ويشرب في آنية من الفضة والذهب. وعن ابن قتيبة عن ابن الكلبي الرواية الآتية التي تثبت مكانة الشاعر عند النعمان. قال حسان بن ثابت: رحلت النعمان فلقيت رجلاً فقال: أين تريد فقلت هذا الملك قال: فإنك إذا جئته متروك شهراً، ثم يسأل عنك رأس الشهر ثم أنت متروك شهراً آخر ثم عسى أن يأذن لك فإن أنت خلوت به وأعجبته فأنت مصيب منه، وإن رأيت أبا أمامة النّابغة فاظعن، فإنه لا شيء لك. قال: فقدمت عليه، ففعل بي ما قال، ثم خلوت به وأصبت منه مالاً كثيراً ونادمته فبينما أنا معه في قبة إذ جاء رجل يرجز. فقال النعمان: أبو أمامة فأذنوا له، فدخل فحيا وشرب معه، ووردت النعم السود، فلما أنشد النابغة قوله:
فإنك شمسٌ والملوكُ كواكب- إذا طلعت لم يبدُ منهنَّ كوكبُ
دفع إليه مائة ناقة من الإبل السود، فيها رعاؤها، فما حسدت أحداً حسدي النّابغة لما رأيت من جزيل عطيته، وسمعت من فضل شعره. واستبد النابغة بمودة الملك النعمان وجزيل عطائه وسابغ نعمه، فلا عجب أن يثير هذا حفيظة الشعراء ليعملوا على إفساد علاقته ببلاط الحيرة. ومهما يكن من أمر فإن الدسيسة قد نجحت بعد لأي، وبات الشاعر مهدداً بدمه وحياته، لكنّ حاجب أبي قابوس عصام بن شهبر الجرمي- وكان بينه وبين النّابغة إخاء وصداقة- حذّره من غضب النعمان، ونصحه بترك البلاط، فاضطر النّابغة إلى الفرار، فلجأ إلى الغساسنة، وفي نفسه حسرة، وغيظ، وأمل في العودة. يذكر ابن قتيبة، أن الرواة اختلفوا في السبب الذي حمل الملك النعمان على أن ينذر دم شاعره، على أننا نستطيع أن نحيط بأبرز الدوافع التي أوقعت الجفاء بين أبي قابوس والنابغة. وذكر قوم أن النابغة هجا الملك بقوله:
قبّح الله ثم ثنّى بلعن- وارثَ الصائغ الجبانَ الجهولا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
حمدي علي الدين
المدير
المدير
حمدي علي الدين


ذكر عدد الرسائل : 1252
تاريخ التسجيل : 15/04/2007

معلقة النابغة الذبيانى Empty
مُساهمةموضوع: رد: معلقة النابغة الذبيانى   معلقة النابغة الذبيانى Icon_minitime30/5/2007, 02:24

ويقال بأن السبب في مفارقة النّابغة النعمان، ومصيره إلى غسّان، خبر يتصل بحادثة المتجردة. والمتجردة هذه، امرأة النعمان، وكانت فائقة الحسن، بارعة الجمال، وكان النعمان على ما يروى قصيراً دميماً أبرش. وقد تعددت الروايات حول وصف النابغة للمتجردة. قيل بأن النابغة دخل على النعمان، ذات يوم، فرأى زوجته المتجردة وقد سقط نصيفها فاستترت منه بيدها. فأمره النعمان بأن يصفها له فأنشأ قصيدته التي يقول فيها:
سقط النصيف ولم ترد إسقاطه- فتناولتْه واتّقتنا باليدِ
وأردف ابن قتيبة يقول: وكان للنعمان نديم يقال له المنخّل اليشكري يتهمِ بالمتجردة ويظن بولد النعمان منها أنهم منه، وكان المنخّل جميلاً، وكان النعمان قصيراً دميماً، فلما سمع المنخل هذا الشعر، قال للنعمان: ما يستطيع أن يقول مثل هذا الشعر إلا من قد جرّب. فوقر ذلك في نفسه، وبلغ النابغة ذلك فخافه فهرب إلى غسان.
ولعلّ اتصال النابغة بالغساسنة، أعداء المناذرة، كان سبباً آخر من أسباب حقد الملك على الشاعر، ولا مسوّغ هنا للتفصيل ومناقشة هذه الآراء. وأقام النابغة في بلاط الغساسنة، منقطعاً إلى عمرو بن الحارث الأصغر وإلى أخيه النعمان بن الحارث، وقد امتدح هؤلاء بقصائد عديدة، منها القصيدة البائية التي قالها في مدح عمرو بن الحارث الأصغر والتي مطلعها:
كليني لهمّ يا أميمة ناصب- وليل أقاسيه بطيء الكواكب
وبقي النابغة عند الغساسنة مدة من الزمن، ينشدهم شعره، ويشاركهم في محافلهم ومجالسهم، جاهداً في ذكر مفاخرهم وانتصاراتهم، إلى أن توفرت أسباب عودته إلى بلاط النعمان فترك جوارهم. وذكر ابن قتيبة أن النعمان قد غمّه امتداح النابغة للغساسنة أعدائه وأيقن أن الذي قذف به عنده باطل، فبعث يستقدمه إليه من جديد بقوله: "إنك صرت إلى قوم قتلوا جدّي فأقمت فيهم تمدحهم، ولو كنت صرت إلى قومك لقد كان لك فيهم ممتنع وحصن إن كنا أردنا بك ما ظننت، وسأله أن يعود إليه". هكذا نظم النابغة اعتذارياته، ثم جاء أبا قابوس مع رجلين من فزارة هما: زيّان بن سيار ومنظور بن سيّار الفزاريين وبينهما وبين النعمان مودة وصفاء وكان الملك قد ضرب لهما قبة، وهو لا يعلم أن النابغة معهما. وقد أشار النابغة على إحدى القيان أن تغني أبياتاً من قصيدته "يا دار مية" ومنها قوله:
أنبئت أن أبا قابوس أوعدني- ولا قرار على زأر من الأسد
فلما سمع الملك النعمان، هذا الشعر قال: هذا شعر علوي، هذا شعر النابغة. وسأل عنه، فأخبر مع صديقيه الفزاريين، اللذين كلّماه فيه، فأمّنه النعمان. ومهما يكن من أمر الاختلاف حول أسباب عودة النابغة إلى بلاط الحيرة، فإن الشاعر استرجع مكانته عند الملك النعمان واستأنف مدائحه فيه.
واجتمعت كلمة النقاد على أن النابغة أحد شعراء الطبقة الأولى إن لم يكن رأس هذه الطبقة بعد امرئ القيس، وليس أدلّ على علو منزلته من ترأسه سوق عكاظ وفي ذلك يقول الأصمعي: كان النابغة يضرب له قبة حمراء من أدم بسوق عكاظ، فتأتيه الشعراء فتعرض عليه أشعارها. ومما روي عن أبي عبيدة قوله: يقول من فضّل النابغة على جميع الشعراء: هو أوضحهم كلاماً وأقلهم سقطاً وحشواً، وأجودهم مقاطع، وأحسنهم مطالع ولشعره ديباجة.
وذكر أبو عبيدة أيضاً أنه سمع أبا عمرو بن العلاء يقول: "كان الأخطل يشبّه بالنابغة". وعن أبي قتيبة، قال الشعبي: دخلت على عبد الملك بن مروان وعنده رجل لا أعرفه، فالتفت إليه عبد الملك فقال: من أشعر الناس فقال: أنا، فأظلم ما بيني وبينه، فقلت: من هذا يا أمير المؤمنين فتعجب عبد الملك من عجلتي فقال: هذا الأخطل، فقلت أشعر منه الذي يقول:
هذا غلام حسن وجهه- مستقبل الخير سريع التمّام
فقال الأخطل: صدق أمير المؤمنين، النابغة أشعر مني، فقال عبد الملك: ما تقول في النابغة قلت قد فضله عمر بن الخطاب على الشعراء غير مرّة. ولم تكن منزلة النابغة عند المحدثين بأقل منها عند الأقدمين فقد شهد كثيرون منهم بما في شعره من إيقاع موسيقي، وروعة في التشبيه، وبراعة في أغراض الشعر المتباينة ولا سيما في الوصف والمدح والاعتذار، وفي ديوانه من هذه الفنون العديد من القصائد الدالة على نبوغه وشاعريته، في مخاطبة الملوك وكسب مودّتهم والاعتذار إليهم حتى قيل "وأشعر الناس النابغة إذا رهب"، وقال عنه بديع الزمان الهمذاني: والنابغة "لا يرمي إلا صائباً".
وفي طليعة العوامل التي أسهمت في تفوق شاعرية أبي أمامة في ضروب المعاني ومختلف الأساليب، رجاحة فكره، إذ كان ذا بصيرة بمواطن الكلام، متميزاً بنظرته الثاقبة والقدرة على الملاءمة بين الأقوال والمواقف، يحسن بباعث الموهبة والذائقة التي صقلتها الدربة والمراس، الملاءمة بين ركني المقال أي بين الصورة والجوهر، فهو يؤدي الدلالات دقيقة لأنه يجيد انتقاء الألفاظ الدالة ووضعها في مواضعها الصحيحة في سياقه الشعري العام.
ولعلّ السمة اللافتة في شعره ذاك التأثر بالظروف المكانية والزمانية الذي حمله على أن يضفي على فنونه طابعاً من الواقعية مستمداً من البيئة البدوية أو الحضرية، فهو جزل شديد الأسر في أوصافه الصحراوية، رقيق عذب واضح العبارة بعيد عن الخشونة ممعن في السهولة، في وصف حالات الوجدان، وفي أداء الخواطر أو إرسال الحكم، إلا إذا اقتضت البلاغة الإبقاء على لفظة غير فصيحة لكنها دالة، كلفظة الشعثِ في قوله:
ولستَ بِمُسْتبْق أخا- لا تلمّه على شَعَثِ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
حمدي علي الدين
المدير
المدير
حمدي علي الدين


ذكر عدد الرسائل : 1252
تاريخ التسجيل : 15/04/2007

معلقة النابغة الذبيانى Empty
مُساهمةموضوع: رد: معلقة النابغة الذبيانى   معلقة النابغة الذبيانى Icon_minitime30/5/2007, 02:24

تعريف / بمعلقة النابغة


اعتبر التبريزي قصيدة النابغة الدالية الاعتذارية من القصائد العشر وهي المعلّقات المذهبات. ومطلع هذه القصيدة:
يا دار ميَّة بالعلياء فالسَّنَدِ- أقْوَتْ وطال عليها سالِفُ الأبد
ومن أهم جوانب هذه القصيدة: ذكر الديار الدارسة، الانتقال إلى وصف الناقة وتشبيهها في قوّتها ونشاطها بالثور الوحشي، وصف الصراع بين الثور والكلاب، التخلص من وصف الناقة إلى مدح النعمان، الاعتذار والاجتهاد في تبرئة نفسه مما اتهم به.
وفي شعر النابغة بعامة، وفي غسّانياته كما في اعتذارياته، ومنها قصيدته الدالية التي أنزلها التبريزي منزلة المعلّقات.. في جميع ذلك تتجلّى صورة واحدة لشاعرية متكاملة ذات خصائص بيّنة واضحة المعالم من أهمها البعد عن التكلف ودقة التعبير وحسن الديباجة ورونقها والعناية بالكنايات والاستدارات التشبيهية فضلاً عن الاستهلالات الجيدة وحسن التخلص إلى الأغراض الأساسية كالمدح والاعتذار.
ويبدو أن النابغة لم يطب له المقام طويلاً بين غساسنة الشام، أو أنه هيّجه حنينُه إلى العراق. وكان الزمن أسرع إلى برْء النابغة من خوفه وألمه من النعمان، وإلى إذابة أحقاد النعمان على النابغة، مما زرعه في نفسه الحسَّاد والوشاة. ولذلك يعود النابغة إلى قصور الحيرة، تسبقه اعتذاريات رائعة للملك، كان من أفضلها القصيدة الدّاليّة. ولقد فتحت هذه القصيدة باب الحيرة وقلب ملكها أمام الشاعر الطريد مرة أخرى، وعاد الصّفاء إلى علاقتهما.
والقصيدة تتردّد ما بين الوقوف على الأطلال عبر نغم جديد حزين، إلى وصف ناقته وتشبيهها بالثّور، ومناظر من الصّيد والقنص، والعراك ما بين الثور والكلاب، إلى أن بلغ موضوعه الأساسي، فيقدّم نفسه مرة أخرى للملك، مُبْرءاً ومبرراً من أخطائه، معتذراً عن الجفوة السابقة، لاجئاً أخيراً إلى نوع من المديح المغلّف بالحب والصداقة، وتكرار طلب التصافي والإخلاص ما بين ندّيْن.
ويمتزج النفس القصصي بالسيّالة الشعريّة، حتى يبدو ثمة انسجام داخلي، في بنية القصيدة. وفي لوحة وقوفه أمام الأطلال عرض لخلاصة قصة حب، كان ذروتها ذلك البيت الشّهير.
أمست خلاءاً وأمسى أهلُها احتملُوا- أخنى عليها الذي أخنى على لُبَدِ.
وقد تضمن كذلك إشارة إلى أسطورة لبد، التي توحي بجبروت الزمان واندراس الذكريات، ومضيّ الأحبة، تحت كرّ أيامه. وينتقل الشاعر إلى وصف منظر صيد، بعد أن يشبه ناقته بالثور، ثم كيف همت الكلاب بالصيد. ويستخدم الشاعر صوراً واقعية بارعة في وصف التَّضاد والصراع، وألوان الهجوم والطعن. ويرصد لكرم الملك وشجاعته بصور مضخَّمة، مفَخَّمة، اللّفظ والإيحاء والتشابيه. حتى يصل إلى قصة أخرى، هي قصة زرقاء اليمامة، وكأنه في تشبيه صواب الرؤية عند الملك بزرقاء اليمامة، يطلب منه أن يحكم في موضوعه بنفس النظرة والروية.
ويلجأ الشاعر إلى تضخيم خوفه من الملك، ويرجوه التمهّل في أمره، ويشبّه جبروته وكرمه بالفرات. إلى أن يطلب المعذرة والغفران، بأسلوب مليء الإيقاع، فَخْمٍ مَحْكم التركيب، لا بد أنه كان من أهم عوامل شهرة الشاعر، وكونه شاعر بلاط من الطراز الأول.
أنظر في ذلك: ابن الخطيب التبريزي، شرح المعلقات العشر المذهبات، تحقيق وتعليق د. عمر فاروق الطباع، بيروت: دار الأرقم، د. ت، ص325-326. مطاع صفدي وإيليا حاوي، موسوعة الشعر العربي: الشعر الجاهلي، إشراف د. خليل حاوي، تحقيق وتصحيح أحمد قدامة، بيروت: شركة خياط، 1974، جـ2، ص247-248.

المصدر : موقع الوراق
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سعيد شحاتة
مشرف مؤسس
مشرف مؤسس
سعيد شحاتة


ذكر عدد الرسائل : 665
العمر : 45
تاريخ التسجيل : 16/04/2007

معلقة النابغة الذبيانى Empty
مُساهمةموضوع: رد: معلقة النابغة الذبيانى   معلقة النابغة الذبيانى Icon_minitime22/6/2007, 19:06

الابداع ده بحمد الله مملكتنا احنا
ولو الكلاب نبحت مش مهم
دايما الكلاب بتنبح على البنى آدمين يا محمد
مصر دى بتاعتنا ان شاء الله كل أماكنها الابداعية ملكنا احنا
ولا تحط فى دماغك
رد بكل قوة واحنا معاك
قول لهم انك ما لقتش اسماء مكتوبة على المواضيع
وان احنا انضف منهم بكتير
وان احنا ولاد الفقرا مش ولاد الحراميه
ارجو يا حمدى ترك هذه الرسالة هنا وعدم حذفها
تحياتى
سعيد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://saidshehata.blogspot.com
حمدي علي الدين
المدير
المدير
حمدي علي الدين


ذكر عدد الرسائل : 1252
تاريخ التسجيل : 15/04/2007

معلقة النابغة الذبيانى Empty
مُساهمةموضوع: رد: معلقة النابغة الذبيانى   معلقة النابغة الذبيانى Icon_minitime24/6/2007, 19:25

سعيد

الموضوع انتهى أوأظن أنهم فهموا وعرفوا وتأكدوا من نحن جيدا
فلا تشغل بالك بهذه المهاترات ،ولنفكر فيما هو آت ومحاولة تطوير أنفسنا ومنتدانا
من أجل الاستمرار وسعيا لتواصل جاد وحقيقي مع كل مبدع حقيقي في هذا العالم
مادمنا نثق في أنفسنا وقدراتنا فلينبح من ينبح والقافلة تسير
مودتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
معلقة النابغة الذبيانى
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأولمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــب :: مغامرات إبداعية :: إنتقاء الذهول :: تراث العرب-
انتقل الى: