الهرم الذي نظرتْ إليه هاجر من مصر
قالت العنكبوت العجوز: سأطلق سراح اليعسوب العالق في شباكي حين تصبح هذه الصحراء مزهرة وأشارت لمسافة فاصلة بين أنثى وهرم.
الأنثى ترابية العينين أرسلت نظراتها للهرم الذي كنتُ قربه …!! وحلق اليعسوب فوق الحقل تحت فيء بصرها(الواهب للأشياء نعمتها).
حدث ذلك في زمن ديدان القز التي لا تنسج طرقاً من البكاء إلى المقبرة,
كنت الشاهد الوحيد على رغبة الهرم بالرحيل إليها.
والعرافة التي تلبس بنطالا وتدخن السجائر وتقتني موبايل حدقت في فنجان وجهي الذي لاحقول من البن لميلاده وقالت: وجهك يشبه يدا لطفلة لاحطب في موقدها… كانت تريدني أن أقص السلك الشائك وأهبها حنطة الوجود … لكني كنت مشغولا أراقب الهرم الواقف على حافة وادي الأمنيات والذي ظن أن تلك الأنثى نظرت إليه.
(القلوب الصادقة تحقق الأمنيات ) قال الهرم وقفز متمنياً أن يصبح رجلاً… لكن الهرم لا قلب له.
قفزت أنا متمنياً أن يصبح الهرم يدها اليسرى وكان قلبي صادقا شئت’ فصار يدها…يدها التي تلملم صوت النبيذ المتدفق من الزجاجة التي انكسرت للتو, يدها التي تلمس التراب لتخرج الديدان وتتزوج العصافير, يدها التي غفرت ذنوب المدن الآثمة. يدها التي تحك جناح الفراشات وترش (اللور شانيل) فوق أصابع النبع لتطول, يدها التي تحرس حلم حبة القمح بأن تصبح رغيفاً, وتسرق حبات الكرز من حقل مجاور لطريق لايؤدي لمنزلها, منزلها الذي لاباب له ولا جدران فقط نافذة خشبية تطل على الطريق الذي تمشي فيه مواسم الفرح إلى جهة لا تؤدي.
كانت تظن أنني يدها وكان هذا(شيء لا يقلقها) لذلك كانت تأكل تشرب تكتب وتصافح الناس بها حتى ظنوا أن يدها اليمنى فيها عطب فهي لا تحركها إلا لتلمس اليسرى.
وكان ذلك في زمن الأحلام… والهرم بلا تاريخ بلا مصر.
عاشت ألف عام قبل أن يسكن السرطان يدها التي تظنها أنا (لا الهرم).
وكان القرار… بترت جسدها وعلقت اليد المصابة على غصن شجرة.
ومضى من الهدوء شتاء كاملا غرست فيه اليد أنسجتها في عروق الغصن فصارت يعسوباً … ظل ثلاثة فصول يهدي الزهور قمصانا من المطر وأطواقا من الرمل وينسج لأطفال ديدان القز قفازات ويحدثهم عن الأنثى ترابية العينين التي لايمكن (….) أن يشبهها فهي كالحظة تحول الخريف إلى شتاء واليد إلى فراشة…فقط عيناها…عيناها كانتا أكثر دهشة من عدم معرفته كيف وقع في حبها…وقال لهم بصوت خجول كيف أحبت تلك الأنثى هرماً عجوز.
كنتُ الوحيد الذي يعلم أن الهرم خسر مجده لأجلها… تماما كما كنت أعلم أن تلك النظرات التي أوقعت الهرم في حبها كانت لي.
رامي نور
ramenoor@hotmail.com