العباسة.. السيدة الغامضة
العباسة أوعلية بنت المهدي بن المنصور، من بني العباس، أخت هارون الرشيد،أديبة، شاعرة، تحسن صناعة الغناء. كانت علية بنت المهدي، من ربات الفضل والأدب والجمال، فهي من أجمل النساء وأطرفهن وأكملهن فضلا ً وعقلا ً وصيانة، وكان في جبهتها اتساع يشين وجهها فاتخذت عصابة مكللة بالجوهر، لتستر جبينها، وهي أول من اتخذها. ولها "ديوان شعر" وفي شعرها إبداع و متعة. ونسبوا لأبي نواس في العباسة قوله :
ألا قل لأمين الله وابن السادة الساسة
إذا ما خالف سرك أن تفقدوه رأسه
فلا تقتله بالسيــــف وزوجـه بعباسة
قال الصولي: لا أعرف لخلفاء بني العباس بنتاً مثلها، كانت أكثر أيام طهرها مشغولة بالصلاة ودرس القرآن ولزوم المحراب، فإذا لم تصل اشتعلت بلهوها،أي الغناء، وكان أخوها الرشيد يبالغ في إكرامها ويجلسها معه على سريره، وهي تأبى ذلك وتوفيه حقه. تزوجها موسى بن عيسى العباسي، وهو الثابت عند الثقات من العلماء، وقد روت بعض الكتب روايات تضطرب مع ما وصف الصولي عن- العباسة - وهو ثقة كما أن قصة زواج العباسة أخت الرشيد من جعفر البرمكي، لا أساس لها من الصحة. بالرغم من أنها ذكرت في بعض المصادر البعيدة زمنيا عن عهد الرشيد معتمدة على إشاعة كاذبة راجت بعد مقتل البرامكة. والعجيب أن هذه المصادر، التي ذكرتها،أضافت عليها حبكة فنية قد تكون مقصودة أو غير مقصودة، وهي أم الرشيد وجعفر والعباسة يجلسون جميعا في مجلس فيه طرب وشراب وتهتك. وقد ألف الكتاب في فترة متأخرة حول هذا الزواج المزعوم بين العباسة والبرمكي الكثير من القصص، بعضها لمستشرقين أجانب وبعضها لعرب مثل : ( قصة العباسة ) لجورجي زيدان ومسرحية ( العباسة ) للشاعر المصري عزيز أباظة.
وقد أشار منير العجلاني في كتابه ( عبقرية الإسلام ) حيث يقول :" وتغلب جعفر في النهاية على أمر الرشيد، الذي كان يحبه حبا جما حتى زوجه أخته. وكان الرشيد يحب مجلسهما كثيرا.."لكن الطبري ( ـ 318 هـ ) صاحب كتاب ( الرسل والملوك ) وابن خلدون صاحب المقدمة الشهيرة، التي اكتشفها الأوربيون قبل ان نكتشفها، وصاحب ( العبر وديوان المبتدأ والخبر )، ينفيان هذا الزواج نفيا قاطعا بالأدلة النقلية والعقلية المعروفة عن سيرة الخليفة هارون الرشيد. ويجب عدم إهمال دور الوجدان الشعبي الذي يختزن الحقيقة والخيال والوهم والخرافة، في اصطناع الأمور بعد حدوث الأحداث الجسام، فيختلط الواقع بالخيال والماء بالسراب.أما الذين ركزوا على قصة العباسة مع جعفر البرمكي، فإنهم أرادوا أن يبعدوا الناس عن حقيقة البرامكة، وأرادوا تشويه الخليفة الرشيد، ولم يورد المؤرخون الثقات علاقة بين العباسة وجعفر من خلال الروايات التاريخية المحققة، على وجه الإطلاق، ومنهم الطبري وابن خلدون وابن كثير.
ونسبوا لأبي نواس في العباسة قوله :
ألا قل لأمين الله وابن السادة الساسة
إذا ما خالف سرك أن تفقدوه رأسه
فلا تقتله بالسيف وزوجه بعباسة
ــــــــــــــــــــــــــالمراجع : 1 ـ البداية والنهاية ابن كثير ( 10/204) 2 ـ الطبري (ج4). ا3 ـ محاضرات الخضري ص129. 4 ـ الكامل 5/327. 5 ـ المنتظم 9/130. 6 ـ شذرات الذهب 1/311. 7 ـ الصبر 1/298.[1][3]8ـ عمر رضا كحالة، أعلام النساء، الجزء الثالث، 223 ـ 228