الأولمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الأولمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــب

للإبداع الأدبي الحقيقي بحثا عن متعة المغامرة
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 في ملابس الكبار والصغار*محمد سليمان

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
حمدي علي الدين
المدير
المدير
حمدي علي الدين


ذكر عدد الرسائل : 1252
تاريخ التسجيل : 15/04/2007

في ملابس الكبار والصغار*محمد سليمان Empty
مُساهمةموضوع: في ملابس الكبار والصغار*محمد سليمان   في ملابس الكبار والصغار*محمد سليمان Icon_minitime10/6/2007, 09:23

في ملابس الكبار والصغار*محمد سليمان K5

محمد سليمان


الحربج كانت منزلا ولدت فيه
والدخانج أثوابي
خسائري لم أحصها
لأنني لا أحسن العد
ولا أزال مثل علبة
معبأ بها


مثل كتاب وشعراء جيلي والأجيال الأكبر سنا عشت تقريبا كل حروبنا مع اسرائيل ومع الغرب ومع أنفسنا.
كنت طالبا بكلية الصيدلة جامعة القاهرة في يونيو 67 مشغولا بانهاء الامتحانات ومقتنعا ككل زملائي بقوتنا العسكرية وقدرتنا علي ردع اسرائيل والانتصار عليها
كنا 'أكبر قوة في الشرق الأوسط' صحفنا واذاعاتنا أعلنت ذلك وخطب الرئيس عبدالناصر وتصريحات القادة والصواريخ والأسلحة التي رأينا بعضها في احتفالات يوليو السنوية وجرنا ذلك الزعم إلي التشبث بالحل العسكري للنزاع العربي الإسرائيلي واستبعاد الحلول السلمية ووصم من يدعو إليها بالخيانة وقد شاركت قبل الحرب بعامين تقريبا في مظاهرة ضخمة خرجت من جامعة القاهرة متجهة إلي سفارة تونس، لإحراقها احتجاجا علي تصريحات الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة التي دعا فيها إلي الصلح مع اسرائيل وحل النزاع بالمفاوضات.
­ 2 ­
لم أصدق الأنباء التي تواترت عن تدمير طائراتنا ومطاراتنا بعد نشوب الحرب وعن التقدم الإسرائيلي في سيناء خاصة وبياناتنا العسكرية كانت مطمئنة وتتحدث عن اسقاط عشرات الطائرات الإسرائيلية وقد ظللنا ننتظر ردنا الساحق حتي فوجئنا بخطاب التنحي وإعلان الرئيس عبدالناصر مسئوليته عن الهزيمة .هكذا بدأت الحرب وانتهت لكي نجد أنفسنا مخذولين فجأة ومهانين وفي ملابس الأقزام وبلا حلم بعد انهيار صورة عبدالناصر الذي كان أبا لأحلامنا ومشاريع صبانا
­ 3 ­
كانت الهزيمة زلزلا هائلا له توابعه التي ظلت لسنوات تدمر وتغير.. كان بوسعك أن تلمس الذهول علي وجوه الناس في القري والمدن ذهول الصدمة والهزيمة علي وجه الناس في القري والمدن ذهول الصدمة والهزيمة غير المتوقعة وقد انصب غضب الناس علي الجيش وقادته في ذلك الزمن البعيد .كان الجنود يتوارون خوفا من تطاول الناس عليهم بالسخرية والسب ولم تتحسن صورة الجندي إلا مع بداية حرب الإستنزاف.
وقد قدر لي أن أري صدمة الهزيمة وأثرها والعواصف النفسية التي اجتاحت البعض وحولتهم فجأة إلي شيوخ كصلاح عبدالصبور الذي كان دون الأربعين وبشعر الشيخ وصوته وملامحه كما ألجأت هذه العواصف البعض الآخر إلي الأدوية لصد غول الإكتئاب والاحباط واليأس. كنت بعد تخرجي عام 1968 أعمل صيدليا في منطقة القاهرة الدوائية وكان عليٌ أن أوفر الأدوية النادرة والحيوية للمواطنين ومازلت أذكر يوسف ادريس وزياراته التي كانت تتم غالبا في ساعات الصباح الأولي ثم تذاكره الطبية المدون عليها د. يوسف ادريس طبيب وجراح .بعد تناول دوائه كان يستعيد نشاطه وتوهجه ويسحب الكتاب الذي أقرأه ويصرخ أحيانا كيف تقرأ لهذا التافه المدعي.. ثم يرمي الكتاب من النافذة.
العم صلاح جاهين الذي اعتبره واحدا من آبائي الشعريين كان يزور المنطقة نهارا.. وكان انتشاله من هوة الصمت أمرا بالغ الصعوبة.
انعكست الهزيمة أيضا في ذلك الوقت علي الإبداع الشعري فكتب نزار قباني 'هوامش علي دفتر النكسة' التي كنا ننسخها وبرزت القصائد السياسية وتصدرت المشهد الشعري وتحول اليها شعراء موهوبون كأمل دنقل ثم ظهرت وسادت قصيدة المقاومة وراحت الاذاعة المصرية في أواخر الستينيات واوائل السبعينات تذيع بشكل يومي قصائد محمود درويش سميح القاسم، وتوفيق زياد وغيرهم.
­ 4 ­
انهارت مشاريع عبدالناصر بعد وفاته ­ الهزيمة زلزلتها وسهلت للسادات أمرالإطاحة بها وهذا يعني ان الاطاحة كانت واردة وممكنة بلا هزيمة لسببين أولهما سلطات الرئيس غير المحدودة والثاني المتغيرات العالمية التي أجبرت دولة شيوعية كالصين علي انتهاج سياسات الانفتاح والخصخصة.
انهيار المشروع القومي أطلق سؤال الهوية وأعلي الانتماء الديني علي حساب الجغرافيا والتراث والتاريخ واستبدل بالأمة العربية أو المصرية الأمة الإسلامية وقد دعم السادات هذا التوجه في بداياته عندما أطلق وساند التيارات الدينية لقمع معارضية من الناصريين والقوميين واليساريين وعندما منح نفسه لقب الرئيس المؤمن وفتح بذاك أبواب التكفير والفتن الطائفية والتشدد والارهاب.
لانستطيع الآن تعليق انهياراتنا كلها علي شماعة يونيو 67 والزعم بأن عبدالناصر بعد وفاته بسبع وثلاثين سنة مسئول عن النهب والسلب والفساد والخصخصة والارهاب والفتن والحروب الطائفية وغزو العراق وتدميره.
هزيمة يونيو 67 رغم فداحتها وآثارها التي لم تمح تماما صارت أصغر من هزائم كبري نعيشها الآن.
­ 5 ­
علي مدي نصف قرن عشنا في ملابس الكبار والصغار .عبدالناصر ألبسنا ملابس الكبار لأنه كان يحلم ويقفز إلي نهايات ونتائج حلمه ليري الواقع ويرانا بعين الخيال أكبر وأعظم وأقوي.
وبعد وفاته قرر الذين أتوا بعده وتناثروا هنا وهناك أن يتواروا.. وأن يتجنبوا مصيره وأن ينافقوا الكبار ففرطوا.. وأهانوا أنفسهم وأهانونا وألبسونا ملابس الصغار والأقزام.
لم نلبس إذن علي مدي نصف قرن الملابس التي تناسبنا لكي نعرف أحجامنا وحقائق واقعنا ولكي تصبح هزيمة ما مهما كان حجمها آخر الهزائم.



أخبار الأدب
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
حمدي علي الدين
المدير
المدير
حمدي علي الدين


ذكر عدد الرسائل : 1252
تاريخ التسجيل : 15/04/2007

في ملابس الكبار والصغار*محمد سليمان Empty
مُساهمةموضوع: رد: في ملابس الكبار والصغار*محمد سليمان   في ملابس الكبار والصغار*محمد سليمان Icon_minitime18/6/2007, 11:39

لم أستطع إخفاء سعادتي بهذا الموضوع أولا لأنني أحب الشاعر محمد سليمان جدا وأعتز بتجربته الرائعة كواحد من جيل السبعينات .

وثانيا : لأنه سرد الروح عن لحظات انعكست علينا رغم أننا لم نعشها بأسلوب صادق وواعي وفطري إلى أقصى حد .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
في ملابس الكبار والصغار*محمد سليمان
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأولمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــب :: مغامرات إبداعية :: الخاطرة-
انتقل الى: