كأنك تحرس فيلقا من الأفكار بعيدا عن إغراءات ثلة مهيبة
وأنت تعبر حلمك القديم
كأنك تعيد تاريخا من رماد إلى أبجديته:
النادل الذي يكتفي بالمجازفة
الجارة التي تنتظر زيارتك
منذ ما يزيد عن ردح من الحزن
أبو الطيب المتنبي وهو يقتحم خواءنا
القصيدة المعطلة عن الحديث ... ،
كأن تاريخا هائلا من رماد
يأتيك
وأنت
تنتشي بهذا الرماد:
حيث الأرض فكرة سيئة للغاية
والثورة لا رغبة لها
في اجتراح رحم الماء ،
حيث الفتاة القمحية
تنتظر في الدرج الموارب للقصيدة
حديثا أساسيا عن الحب ،
حيث النقد مشرط
يعترض المجاز في طريقه إلى الفظاعة :
عملاء وأسلحة مضادة
لكل شيء ولأي شيء
أفكار تنام دون معطف
وتنتشي بقبضة يد كسيرة
إنه التاريخ ...
يختصر الابتسامة
يحز فرحة الفراشة
ويعتلي عرش الخطابة ليعلن :
أنه لا حاجة للتشبث بترهات المساء
مادامت الابستيمولوجيا خدعة
ويد الله لن تمنع الديمقراطية من الوقوع في شرك الزلل ،
تسقط الديمقراطية في عشق الظل
لتختار بين القتل والقتل ...
بكل بهاء
ينزوي عبد الوهاب الملوح *
وحيدا
داخل نفس الجبة
ليقاوم رغبة شديدة للكتابة
لكن رفيقا أشد جسارة من قسوة التذكر
يغازل عاهرة أذهلتها قسوة المساء
يدفع المشهد باتجاه المزيد من الحسرة .
كأن الأسماء
كلها
تحبو لتجترح رحم الحكاية ،
حكاية تنجو بعسر شديد
من غبطة التاريخ،
وتلهو بعيدا عن كل حكمة مضادة للرغبة
حيث لا دليل لليد
غير الإقبال المشرق على يتمها ،
غير الولوج الدائم في رحم السؤال
وحيث تشرع الأسماء حكمتها للريح
وتكتفي بمغازلة نهر من النسيان
ليصدم الوجه ببراءة المرآة
لتقع الحديقة في عشق البستاني .
مصطفى بلعوني
*عبد الوهاب الملوح: الشاعر التونسي الرائع