2جماعة البنسيون في أكبر وأهم معرض للفنون الحداثية لفنانين مصريين
المصدر:جريدة القاهرة
2 جماعة البنسيون في أكبر وأهم معرض للفنون الحداثية لفنانين مصريين كيف نري الغرب؟ عنوان معرض آثار تصادم بين ماديتي ومادية الآخر فاطمة «نهاية الاحتراق» مصطلح تقني يدل علي نهاية صعود الصاروخ.. ويصبح الوقود حينها هو الحد الفاصل بين أسر الجاذبية الأرضية والانعتاق منها . كذلك إبداعات الحداثة تصبح في اللحظة المحددة مثل انطلاقه كشيء متجمد في المكان كأنه طراز معماري .. لذا يتعلق الأمر كله علي طاقة الاحتراق أو الإبداع وليس الشكل.. وهذا التعليق المصيري المؤقت في الزمان والمكان بجولاته إلي نوع يحتل مكانا بين الكون أو اللاكون .. كذلك هو توقيف الأعمال الحداثية اللحظي بين التجمد أو الانطلاق بين طبيعتها المراوغة والإدراكي الذهني. وكانت «عين علي الغرب» قد حققت درجة عالية من الاحتراق الإبداعي كأحد أهم الأحداث الفنية التي شهدتها القاهرة مؤخرا في عرض تشكيلي مهم نظمه جاليري كريم فرنسيس وأقامه داخل أحد بنسيونات وسط القاهرة، القديمة لتسعة عشر فنانا مصريا لهم تجاربهم الحداثية الجادة.. لذلك سأطلق عليهم بتجمعهم الفريد «جماعة البنسيون» وليضع المعرض بذلك مسودة لمصطلح تقع مساحته بين الحديث وما بعد الحداثة علي قدر ذلك الكشف، من خلال الأعمال التي تتغلب فيها الفكرة وعملية العمل نفسه «ميكانيكية الذاتية»، علم الجمال رغم التباينات ذات الصلة بينهم.. اضافة لتلك الثقافة المميزة لهؤلاء التسعة عشر فنانا الذين حاول بعضهم من خلال موضوع واسع ومعقد، وهو «كيف يرون الغرب؟» وتلك العلاقة الجدلية التاريخية النفسية الشائكة ليركن بعضهم العلاقة إلي الزمن ومحاولة تخطيه إلي الوراء .. أو إلي سلسلة من الإشارات كتداعي الوعي البصري.. أو بالاعتماد علي الحد الأدني من التحولات الممتدة في تكرار. فبدأ المعرض في أغلبه عرض كبير من الممارسة الذهنية ذات المسحة الفلسفية المهموسة بمخاوف مختلفة ومدهشة تحت وطأة الموضوع بين ماديتي ومادية الآخر ووجوديتنا وعلاقتنا معا.. وتأتي أهمية العرض الفني والإدراكي أو المفاهيمي للمعرض، أنه جاء تكثيفا لرؤي وطاقات متحفزة لفنانين عرفوا بمشروعهم الفني الخاص وبأفكارهم الوثابة الجريئة الشبه حداثية في الغالب لاستكشاف مجالات أنفسهم ولاستكشاف المشاهد لنفسه، ليفاجأ بأن بإمكانه أن يعيش أدائية الفكرة خلال أداء العمل.. وقد وجد بالنسبة لي مع اهتمامي البحثي عن النظام في إطار الفوضي ما أدهشني لادراكه في أعمال فنية لقيت صدي مع قراءاتي «غير المتخصصة» في النظريات الفيزيائية الحديثة، فيما بين النظرية الكمية إلي نظرية الفوضي إلي الهندسة الفراكتيلية، «وهذه الأخيرة أدركتها شكل خاص في عمل الفنان الطمان» وبعض من فنانين من أنحاء العالم يبحثون في نظام الهندسة الفراكتيلية " " 2 2 ونظامها الداخلي وبنائها بين التشطي المتكرر مشارك بعملية الإعادة والتكرار، حيث الناتج هو جزء أو صور مصغرة من المدخلات.. وكعملية فنية تقم ترددا ذاتيا ومرجعية ذاتية تكرر نفسها، وغالبا ما نلتقي بهذا في عمليات عروض الفيديو كوسيط حديث.. ومن الأعمال الكبيرة رأيت في نفس اللحظة النظام والفوضي فهما موجودان حيثما نبحث عنهما. وعلي المشاهد أن يعطي نفسه فرصة إدراك البناء الداخلي ومحركه اللحظي للفكرة أو وقوده الإبداعي للاحتراق.. فالعالم وأيضا الفن ليس ساعة لكنه مباراة قائمة ربما عشوائية لكنها دائما متجهة للأمام.. وعلينا الإحاطة خاصة في الأعمال الحداثية بنتاج اللحظة وإدراكها حتي ولو شاهدنا أعمالا فنية من الحداثة نذهب إليها، وقد لا نحصل علي شيء ولا نجد لوهجها الأول من أثر.. لكن محاولة التفهم تقود للمتعة الفنية حتما. نعود لمعرض «جماعة البنسيون» لأري عرضهم أهم العروض الحداثية مجتمعة التي أقيمت في القاهرة فلم يقدم فن الأعمال المركبة، والوسائط الحديثة، وتقنياتها، والفيديو آرت، وأعمال الصوتيات والكمبيوتر، والشاشة الرقمية، بهذا الكم من الوضوح والتنوع والوعي من فنانيه الذين ربما إلي درجة ما خطوا بهذا العرض مخطوطة لحداثية الفن المصري المعاصر وهم: آمال قناوي، هاني راشد، حازم المستكاوي، حازم طه حسين، هبة فريد، لارا بلدي، خالد حافظ، نادر صادق، عادل السيوي، أحمد نصير، هشام الزيني، هدي لطفي، إسلام زاهر، محمد عبلة، محمد طهان، نرمين الأنصاري، صباح نعيم، شادي النشوقاتي، وشريف العظمة. واكتملت فكرة العرض باختيار المكان المناسب للغاية ليصبح المكان نفسه هو الفكرة مجسدا لفكرة الاغتراب المكاني الممتد من زمن ماض في علاقة متماهية مع الحاضر داخل طابق كامل البنسيون، ضم تسع عشرة حجرة أبعادها أربعة أمتار مربعة تقريبا، أفرغت من محتوياتها الوظيفية ليكون لكل فنان مساحة الحجرة كاملة ليبدع عمله داخل ذلك المناخ المتداعي للغرف نفسها دون طلائها لاستقبال العمل، ليزداد الإحساس بالعزلة في الحجرات المصابة بالوحدة من فعل توارد الغرباء ساكينها كمقابل موضوعي أو إنساني لفكرة المعرض، لنفاجأ بأن هذه الحجرات المعزولة هي أماكن بيننا وليست بعيدة جدا عنا.. فهل أيضا الاغتراب ساكن بيننا.. لتتحول حجرات العرض وهي حجرات الإقامة إلي حجرات اغتراب بطريقة مربكة .. غامضة.. وهذه عبقرية كريم في اختيار البنسيون «المكان- الفكرة» كمكان للعرض. وسأستعرض أعمال المعرض لبعض من فناني الحداثة المصرية. الفنان هشام الزيني.. عمله يفجر ويستكشف كثيرا من الأبعاد النفسية داخل المكان ذي البعد المكاني الموحي بالامتداد يطل علي جانبية ربما ما يوحي من تفاوت الذاكرة البشرية، وقد أقام بوابة عند مدخل حجرة عمله وأقام علي جداريها المتقابلين أطر تراصت فيها قوالب حمراء، بعضها متساقط كأنها سياج العزلة.. وأصبح الدخول إلي عمله تحت وطأة ظل الآخر المحيط الخانقة كأن الضوء المسلط علي العمل الصناعي