حمدي علي الدين المدير
عدد الرسائل : 1252 تاريخ التسجيل : 15/04/2007
| موضوع: سلفادور دالي عشق ذاته فاخترع عالمه 30/6/2007, 00:32 | |
| سلفادور دالي عشق ذاته فاخترع عالمه
عندما كتب أندريه بريتون عن السريالية محاولاً تعريفها، جهد لإثبات أنها عملية نفسية خالصة، تأخذ تلقائيتها من إملاءات الفكر العفوية. فيخطها الفنان لوحة تتولى وضع الخيال أمام أفق الإنسان بعقله وروحه. غير أن هذا التعريف ظل خالياً من التجربة الفعلية إلى أن اعتلى سلفادور دالي بلوحاته منصة السريالية، متوحداً معها بعدما أعطى نظرية غريمه جسداً تمثل بأعماله التي تخطت شهرة بعضها شهرة الفنان نفسه.
ثمانية عشر عاماً مرّت على وفاة دالي، بعدما أجاد ان يجعل سيرته موضع نقد وجدل لتتوازى مع أعماله التي لا تنفك تشكل مادة خصبة للتحليل والتأويل. ولعل حياة الفنان الإسباني تفسر الاضطراب الذي اعترى نفسه، فنقله رموزاً إلى لوحاته التي تخطت المنطق والواقع الى أفق تجاوز حدود المعقول ليطال بالانفعال الأول الذات البشرية بمكنوناتها الحسية.
ولد دالي في كاتالونيا الإسبانية، حاملاً إسم أخيه الذي تُوفي قبل ولادته بثلاث سنوات، الأمر الذي جعله الولد المدلل الوحيد لعائلة ثرية. فنشأ بعيداً عن رقابة الأهل متفلتاً من القيم السائدة والأعراف التي ثار عليها نتيجة لدلاله المفرط. فعرف عنه سلوكه الطائش الذي انسحب على أعمال بعيدة عن المعقول، كدفعه صديقه عن حافة عالية كادت تقتله، أو رفسه رأس شقيقته، أو تعذيب هرّه حتى الموت، واجداً في أعماله متعة كبيرة تماماً كالتي كان يشعر بها حين يعذب نفسه. ولعل هذه التصرفات التي أوردها الفنان في مذكراته شكلت الشرارة النفسية الأولى للمذهب الفني الذي اختاره للوحاته.
في السابعة من عمره رسم أولى لوحاته، واستطاع في مدرسته أن يلفت النظر إلى رسومه التي تنبأت له بمستقبل فنان بارع، ما دفع بعائلته وأساتذته إلى حثه على دخول كلية الفنون الجميلة في سان فيرناندو. لكنه كره الكلية واعتبرها مضيعة للوقت فتركها مرغماً بعدما دافع بقوة عن أستاذ كان قد حرم من التدريس فيها. لكن تلك الفترة كان لها أثر في حياة دالي، إذ تعرف على المذاهب الفنية كافة والتقى فنانين عالميين عدّة ومنهم الشاعر فيديريكو غارسيا لوركا الذي أنجز معه عملاً مسرحياً كان الأول له، ولويس بونييل الذي اختلف معه بسبب آرائه السياسية التي شهدت انقلاباً غريباً من الفكر الثوري الى البرجوازية الخاضعة لملذات الحياة.
وفي العام 1926 بدأ بصقل موهبته واختيار أسلوبه الخاص لا سيما بعدما تعرف على أب المدرسة التكعيبية بابلو بيكاسو، ومن ثم بدأ ينظم لقاءات دورية مع رسامين سرياليين آخرين أمثال لويس أراغون وأندريه بريتون. ما ساهم في بلورة أسلوبه وتفوق عليهم جميعاً.
وفي العام 1932 شارك في أول معرض سريالي في الولايات المتحدة الأميركية، حيث بدأت تتجلى الرمزية في أسلوبه، ونال حينها سيلاً وافياً من المديح والإعجاب من قبل القيمين على المعرض والزائرين على السواء. وبعد هذه المرحلة الناجحة بدأت على التوالي تظهر لوحاته التي كتبت شهرته، والتي دفعت بفرويد الى القول: "لم أرَ في حياتي نموذجا لإسباني أعظم كمالا من دالي".
جنون العظمة
"حين استيقظ في الصباح، اختبر لذة لا تُضاهى: إنني سلفادور دالي. وأسأل نفسي ما الذي سيفعله اليوم هذا الإنسان المعجزة، سلفادور دالي". لعل هذه الجملة المختارة من مذكراته تظهر مدى عشق دالي لنفسه، ما دفع بنقاد عدة إلى اتهامه بجنون العظمة خصوصاً بعدما قرؤوه يمجّد أعماله التي يخلو بعضها من كل واقعية أو أخلاق. لكن دالي لم ينف التهمة، بل أكدها وأعلنها السبب الأول لنجاحه. ويذكر الرسام في مذكراته انه في السابعة كان يحلم بأن يصير نابوليون، لكنه عندما كبر بات يكفيه فخراً أن يكون "سلفادور دالي الذي كل ما اقتربتُ منه أراه يبعد عني"!
ولعل نمطه المعيشي أبعد الكثيرين من الأصدقاء عنه، فبات الحرير ملبسه الوحيد وعرف عنه حبه الكبير للمال والشهرة، ما دفع بزملائه السرياليين وعلى رأسهم بريتون الى اتهامه بـ"عبادة الدولار" وأطلق عليه لقب "الأسطورة المذهّبة" فردّ دالي بأن حكمته نصحته منذ الصغر بأن يسعى رويداً لأن يصير مليونيراً.
لوحاته
كانت لدالي في لوحاته، نظرته الخاصة للعالم بل كان له عالمه الافتراضي، وواقعه الذي يشكل انعكاساً لمخيلته بفوضاها. وكانت أعماله تطلق المخيلة وتعبر عن ذكاء حاد، فبلوحة العذراء مثلاً رسم دالي سلّمين، وعند سؤاله عنها أوضح أنه يرى العذراء الطريق المؤدية إلى الجنة! وفي لوحاته الغريبة تحتشد عدة رموز يختلف معناها المنفرد عما تظهره النظرة الغشطلتية الشاملة لتزاوج الرموز مع المنظر العام. فيعبر عن الزمن بالساعة الملتوية التي تتدلى على طاولة الحياة، وترافق صور النساء أحصنة أو الوان تعبّر عن نظرته للجنس والإغراء، وحتى الوجوه بتفاصيلها كان لها تعبير خيالي عند دالي يبتدع فيه أشكالاً ومعاني تطرح الوجود برمّته على طاولة الفرضيات.
في مثل هذا اليوم قبل ثمانية عشر عاماً فارق دالي الحياة عن 84 عاماً، تاركاً وراءه اسماً خلده بالفن والإبتكار والجدل. فحرص أن يكتب تاريخه بنفسه، ليحجز موقعه الثابت مع عمالقة الفن الذين نجحوا في كسر حدود الزمان ليعلنهم التاريخ خالدين.
من أقواله
¶ الفرق بيني وبين أي مجنون هو أنني عاقل .
¶ السريالية هي أنا.
¶ انا خال من العيوب، انا السريالي الوحيد غير المنتمي، لم ينجح لا اليمين ولا اليسار في إغوائي.
¶ لكي ترسم يجب ان تكون مجنونا. فأنا أؤمن بأني أعظم رسامي عصري، او على الأصح، انهم أسوأ مني على اي حال
المصدر : البلد
| |
|
حمدي علي الدين المدير
عدد الرسائل : 1252 تاريخ التسجيل : 15/04/2007
| موضوع: رد: سلفادور دالي عشق ذاته فاخترع عالمه 30/6/2007, 14:18 | |
| أبدع لوحات النار والرغبة والجنون.. | |
|