حمدي علي الدين المدير
عدد الرسائل : 1252 تاريخ التسجيل : 15/04/2007
| موضوع: حوار مع الشاعر المغربي عبد الهادي روضي 7/7/2007, 04:50 | |
| (هذا حوار لمبدع معنا في المنتدى يضن علينا بإنتاجه ،وإن كنا سعداء بتواجده بيننا) حوار مع الشاعر المغربي عبد الهادي روضيحاوره: المصطفى فاتح"موت الشعر" مقولة خاطئة، والمروجون لها مهرجون أكتب لتخبو أصوات المدافع والجرافات. توطئة:يختط الشاعر عبد الهادي روضي لنفسه أسلوبا جميلا في الشعر المغربي،
عبد الهادي روضيأسلوب يمتح من تجارب الحياة الضاجة بالألغاز والأسرار، وضربات الفشل والإخفاق، ومن ثمة، يمكن تصنيف شعره ضمن خانة الغربة والضياع( خاصة مخطوط ديوانه الأول فاتحة للغياب)، إذ نجد جل نصوصه تبتعد عن الترف الذهني، متخذة من إرهاصات روحه ودمه مادتها الخام.إنه الشاعر الذي يتعامل مع الحياة والشعر بإخلاص والتزام حد النصيحة. لقد جاب مناطق كثيرة من المغرب حاملا معه نصوصه الشعرية ينثرها هنا وهناك، مكونا لنفسه مساحات من الحب والود، في قلوب كثيرين ممن تفاعلوا مع تجربته وإنسانيته، في معظم المهرجانات الشعرية التي حضرها داخل وخارج المغرب.التقيته على هامش حضوره مهرجان ربيع الشعر بزرهون في نسخته الرابعة، فاقتنصت من وقته فسحة زمنية، كان هذا الحوار إحدى ثمراتها.1ـ ما هي أحاسيسك وأنت تحضر مهرجان ربيع الشعر للمرة الثانية على التوالي؟ج: يصب علي اختزال أحاسيسي أو ترجمتها كاملة في كلمات أو جمل، لأن عطف أصدقاء المهرجان وجمهوره أكبر من أن يختزلا، مدينة زرهون مدينة تستحق أن تحتفي بالشعر والشعراء، وأن ترسخ هذا الاحتفال السنوي بكل هذه العفوية والتلقائية، حضرت مهرجانات عديدة، غير أن ربيع الشعر غير مجموعة من قناعاتي الشخصية، سأظل مدينا لمنظمي المهرجان منحهم لي فرصة التوحد بالقصيدة وبالمدينة، وأغتنمها فرصة لأقول لهم العام القادم سآتي لأتزوج زرهون.2ـ تتراوح التجربة الشعرية الحديثة بين رؤية رومانسية ورثها الشعراء عن الحقبة السالفة، ورؤية ثورية تلتزم بقضايا التحرر والعدالة والمساواة، ورؤية وجودية تتأمل الحياة والموت والنجاح والإخفاق. أين يمكن أن تصنف تجربتك الشعرية؟ ولماذا؟ج: إذا كانت التجربة الشعرية الحديثة قد تراوحت بين الرؤيات التي أشرت إليها( الرومانسية والثورية والوجودية)، تلك الرؤيات التي فرضتها سياقات وجودية أساسا، كان الشاعر الحديث محورها، فإن تجربتي الشعرية يستعصي علي اختزالها في رؤية معينة من تلك الرؤيات التي ألمحت إليها في سؤالك، من منطلقين أساسين: الأول تواضع التجربة وحداثة عهدها وبحثها المتواصل عن ميسمها الخاص. والثاني عدم قدرتي على تصنيف تجربتي في إطار رؤية معينة لأنها ليست مهمتي بل مهمة النقاد، فما أحرص عليه، باستمرار، هو جعل هدفي منصبا على البحث عن تحقق شعري، هاجسه الأول الإنصات العميق إلى منابع الذات، والقبض على ماء القصيدة.3ـ من خلال إطلاعي على مخطوط ديوانك الأول( فاتحة للغياب)، لاحظت أن جل قصائدك تمتاز برؤية شاملة تعبر عن رؤيتك إلى الحياة، وتجرتك مع الذات والواقع.. ومؤخرا استمعت لمجموعة من نصوصك التي ألقيتها في مناسبات مختلفة، بدا لي أن قصائدك بدأت تنحو منحى الاحتفالية. هل يمكن إرجاع هذه الاحتفالية إلى ولوجك مهنة التدريس؟ج: النظر إلى الحياة جزء أساسي من تجربة الشاعر مع الحياة والواقع، إلا أن الشاعر لا يعيد استبصار الأشياء كما هي متمرئية للحواس، بل تسعى دائما إلى البحث عن مكمن الخلل والتناقض الذين يميزان تلك النظرة الاعتيادية، وحينما تنطبع نصوص ديواني الأول المخطوط( فاتحة للغياب) بهذا الميسم، فلأني أومن بأن كل نص ناضح هو وليد عميلة استبصار للواقع، فما جدوى نص يحتفل بإطار اللغة الشعرية، ويترفع عن هذا الفعل الاستبصاري، أما عن طابع الاحتفالية الذي بدا مهيمنا على نصوصي الأخيرة، فهو انعكاس طبيعي للانتشاء الذي تعيشه ذاتي، هذه الذات التي كانت تهاب " العطالة" و"التعطيل" خاصة بعدما أنفقت سنوات كثيرة من عمري في الدراسة والتحصيل، إنها احتفالية لا تستكين للمنجز المتحقق، بقدرما تراهن على الآتي، وتحن إلى اللا منتهى الشعري.4ـ كان لتحرر التجربة الشعرية الحديثة من مكوناتها الأساسية( هيكل القصيدة، البناء الشعري، خرق نظام البيت،...) إضافة إلى استخدامها ( الانزياح، الرمز، الأسطورة)، خلق هوة سحيقة بين الشاعر والقارئ، الذي أصبح مطالبا بامتلاك رصيد ثقافي يؤهله للتفاعل مع القصيدة. هل يمكن اعتبار ذلك سببا في الحديث عن " موت الشعر"؟ج: دعني أقول لك أولا إن مقولة "موت الشعر" مقولة خاطئة، والمروجون لها مهرجون، لهم نظرة عدائية اتجاه الشعر، سيما في ظل التحولات التاريخية التي ميزته، الشعر لن يموت، بدليل أننا نتقاسم جمرة الحديث عنه، مثلما يتقاسمها كثيرون، صحيح هناك تحولات مضاعفة على مستوى المنجز الشعري العربي الحديث ومضمونه، طغت عليها تجربة قصيدة النثر، لكن ذلك لم يك سببا في خلق هوة ومسافة سحيقتين، بين القارئ من جهة والقصيدة من جهة أخرى، الهوة ليست كامنة في القصيدة بل في القارئ...( أقاطعه): وكأني بك تعيد رأي أبي تمام في عبارته الشهيرة(.....)( يقاطعني): الأمر لا يتعلق باجترار تلك المقولة، بقدرما أصبحنا نرى هذا القارئ يريد تلقي الأشياء عادية وجاهزة، تحت تأثير التكاسل والخمول الفكريين، إنه ينشد الوضوح في اللغة الشعرية، وأنا أتساءل معه، متى كانت اللغة الشعرية في الشعر العربي قديمه وحديثه سهلة وواضحة وفي المتناول، بالمقابل أتفق مع القارئ في مسألة استسهال فعل الكتابة لدى بعض المنتمين إلى " الحساسيات الجديدة" الذين مالوا إلى استسهال كتابة الشعر،متخذين من قصيدة النثر مسوغا، وهو مسوغ لا يستند إلى العلمية، لأن قصيدة النثر لم تك سهلة الامتطاء ولن تك كذلك، ويمكن أن نتأمل التجارب المشرقة لدى الماغوط ومحمد بنيس وسيف الرحبي وآخرين، لندرك فرادة هذه التجربة، التي مازال الكثير ينظرون إليها باستهجان، لا لشيء سوى لأن منطلقات التنظير إليها استندت إلى كتاب الناقدة الفرنسية سوزان برنار" قصيدة النثر من بودلير إلى أيامنا" في مقالة أدونيس الشهيرة.5ـ هناك من أصبح يتحدث عن كون القصة القصيرة هي ديوان العرب راهنا، حتى إشعار إبداعي آخر، بصفتك باحثا في الشعر، هل يمكنك تحديد مكمن الضائقة الشعرية العربية حاليا؟ج: لن تكون القصة القصيرة ديوان العرب،لأنه لا يمكننا القفز على السياق التاريخي الذي أفرز مقولة الشعر" الشعر ديوان العرب"، ومن ثمة، لا يمكننا تقويض دلالاتها، حتى وإن كانت القصة القصيرة مهيمنة راهنا، في ظل موجهات العصر المائزة، حيث الميل إلى الرتابة والاستسهال، والخمول الفكري، وليس معنى هذا الكلام استصغارا مني لجنس القصة القصيرة وقيمته،بل تأكيد لحقيقة مثبتة، إذن، ليست ثمة ضائقة شعرية، كما تزعم، الضائقة كامنة في العقول البشرية التي استكانت إلى الاعتيادية واليقين والوثوقية، إنها ضائقة تحيا العصر بروح جاهلية، وتدعي الحداثة.6ـ أريد أن أعرف ردك بخصوص الجدل الدائر حاليا حول قصيدة النثر، حيث نجد أن هناك من يعتبرها شعرا ودليلهم في ذلك أن الشعر يكون شعرا حيثما كان ثمة شعر، وهناك من يعتبرها غير ذلك. ما هو رأيك في هذا الجدل؟ج: الجدل الدائر حاليا حول قصيدة النثر هو جدل وهمي، لان قصيدة النثر العربية من المحيط إلى الخليج، كتجربة مضافة إلى تجاربنا الشعرية( تجربتي الشعر العمودي والتفعيلي)، شقت وتشق مسارها ضد الغوغائية، والتحجر الذين يواجهانها، شخصيا لا أولي أهمية لاعتبارات وأطروحات هذا الجدل الوهمي، بقدرما احرص على البحث واقتناص الشعر في كل نص أكتبه وألتقيه، وكيفما كان قالبه الشكلي. يجب أن نخرج من مثل هذه الجدالات الساذجة والعقيمة، وان نتجه صوب دعم فعل الكتابة على تعدده( قصة، شعر، خاطرة، مسرحية...)، إنني أخاف أن تتحول الإنسانية يوما ما إلى غول متوحش يأتي على الأخضر واليابس، تحت تأثير هذا الجدل لأننا ابتعدنا عن الشعر، وعن كل ما يؤسس الجمال ويقويه فينا، يجب أن نفكر في أن يصبح الشعر جزءا من يومياتنا(في المدارس، في البيت، في المطاعم الشعبية، في الحافلات...)، أخاف أن يفقد الإنسان إنسانيته.7ـ أعود إلى تجربتك الشعرية لأسألك عن أهم الأسماء التي كان لها أثر في مسارك الشعري؟ج: قلت لك فيما مضى إنني أحرص على اقتناص الشعر في كل نص أكتبه وألتقيه، وهذا أمر دال على المنحى الذي يؤسس تجربتي، لذلك يصعب تحديد الأسماء التي كان لها تأثير في تجربتي، في ظل كثرتها. إن الشعر العربي قديمه وحديثه، إلى جانب جزء من تجارب شعرية كونية( الهايكو، الشعر الروسي...)، منحاني فرصة تلمس ضوء الشعر، وحتى الآن مازلت مسكونا بهذه الروافد الشعرية، وببعض الأسماء كالمتنبي الأقرب إلي.8ـ هناك من يكتب للاسترزاق، وهناك من يكتب ليعيش، وهناك من يكتب للشهرة... لأي شيء تكتب أنت؟ج: أكتب لأتنسم لذاذة وجودي في امتداداته، انتصارا لإنسانية الإنسان، اكتب بحثا عن اللامنتهى الجمالي فينا، أكتب بحثا عن سماء أكثر صفاء وامتلاء بالحب، سماء تطرز أفقها زقزقات العصافير، وزغاريد التماهي الروحي، أكتب لتخبو أصوات المدافع والجرافات، ويتبادل الجنود الورود، والعالم هواء الشعر.9ـ كم من شاعر ما كان ليكتب لو لم يقرأ لشاعر غيره، وكم من شاعر ما كان ليقرأ لو لم يكتب ... هل ينسحب عليك القول ذاته؟ج: القراءة هي المنبع الذي تستقي منه الذات يفاعتها ومادتها الخام، وبدونها لا يمكن للأفق الإبداعي للمبدع( شاعرا أو قاصا أو تشكيليا...) أن ينمو ويبدع. شخصيا احرص على أن أرتشف باستمرار من خرير هذا المنبع، وغالبا ما تكون قراءاتي متنوعة مع الحرص على قراءة الأعمال السردية، الرواية تحديدا، لأنها الجنس الإبداعي الأقرب إلى الشعر.10ـ نعلم أن لك ثلاثة دواوين شعرية ومجموعة قصصية قيد الطبع، متى ستشق هذه الاعمال طريقها إلى القراء؟ج: لحد الآن لا أفكر في الطبع، لأنني لا أريد، كما صرحت في حوارات سابقة، تكرير تجارب أصدقاء لي خاضوا تجربة النشر بخسائر فادحة، كما أنني ما زلت أتهيب التجربة في أبعادها المتعددة، فأنا لست ممن يستعجلون، لذلك فالرهان الأول هو ترصد انكتابات جديدة، وتأمل فعل الانكتاب باستمرار، وحينما سيحن الوقت، حتما سترى انكتاباتي طريقها إلى قرائها.11ـ ماذا يمكنك أن تقول لنا عن مجلة انحرافات بصفتك المسؤول الأول عنها؟ج: مجلة انحرافات التي نستعد لإصدارها قريبا، متخذين من سيدي مومن مقرا لها، مغامرة إبداعية تعنى ب"المبدعين الجدد"، بغية الاقتراب من هؤلاء وتقريب تجربتهم في مختلف الأجناس الأدبية، إلى عموم القراء في المغرب وخارجه، كما أنها ستراهن على الانفتاح على الأصوات المبدعة العربية، إنها مجلة تؤمن بفلسفة الانحراف( بمفهومه البلاغي) مراهنة على التحرر من نمط الممارسة الإبداعية المسيجة بشروط النشر الخانقة، نريد أن نؤسس ثقافة جديدة في التعامل مع الكتابة والكتاب، منتصرين للإبداعية، تشجيعا للإبداع وتثويرا لعلاقة السلطة والتكريس "المفبركين". ما نتمناه هو أن تحقق المجلة خطوة باتجاه الإيمان بمبدعي الهامش.12ـ في ختام هذا الحوار، اقترح عليك مجموعة من الأسماء والأشياء، ونود أن نعرف ماذا تمثله لك كإنسان وشاعر؟ـ أسية الشريبي: امرأة قالت لي خذ هواء القصيدة وطنا، ومضت جهة الله( لله يرحمها).ـ الحب: عملة نادرةـ القصيدة: الظل والحبيبةـ المراة: حربائية الطبع والطباع.ـ السياسة: هواء فاسدـ الدار البيضاء: لا تشبهنيأزمور ـ المغرب ـالمصدر: ملتقى أدباء العربhttp://www.gpoets.com/modules.php?name=News&file=article&sid=2319 | |
|
حمدي علي الدين المدير
عدد الرسائل : 1252 تاريخ التسجيل : 15/04/2007
| موضوع: رد: حوار مع الشاعر المغربي عبد الهادي روضي 20/8/2007, 13:23 | |
| أظنه عضو معنا بالمنتدى
نتمنى أن نراه كما يرانا مودتي | |
|