حمدي علي الدين المدير
عدد الرسائل : 1252 تاريخ التسجيل : 15/04/2007
| موضوع: إبراهيم أصلان : جيل الستينات لم يكن حالة مجردة 9/7/2007, 16:58 | |
| إبراهيم أصلان : جيل الستينات لم يكن حالة مجردة بل هو حالة ثقافية متكاملة v المشهد الثقافي تشوبه حالة من الوهن . v للوصول إلى نقد بناء لابد من إظهار أصحاب الضمائر النزيهة وآراؤهم . v عملي بالتلغراف علمني ألا أكتب إلا ما هو ضروري . v جيل الستينات لم يكن حالة مجردة بل هو حالة ثقافية متكاملة . v جيلنا عاش أحلاما كبيرة و خيبات أمل كبيرة أيضا .
تمهيد : في بدايات السبعينيات .. وأنا بالمرحلة الثانوية كانت أول معرفتي باسم إبراهيم أصلان كاتبا عن طريق صديقي وابن عمه في ذات القرية "محمود أصلان" الذي قابلني يوما يحمل نسخة من مجموعة قصصية تحمل اسم "بحيرة المساء" لإبراهيم أصلان .. عرفت يومها بأن الكاتب من قرية " شبشير الحصة " المجاورة تماما لقريتي وأن صديقي الآخر كان يحملها يومها نوعا من التباهي والتفاخر بقرابته لهذا الكاتب و اعتقد ان يومها قد أدركنى هذا التباهى و التفاخر ايضاً !! " لم يسعدني الحظ بقراءة هذه المجموعة إلا بعد قرابة عشر سنوات من هذا اليوم !! " مرت الأيام وأنا أتابع أخباره عن بعد إلى أن خرج إلى النور فيلمه "الكيت كات" عن روايته مالك الحزين .. بعد مشاهدتي للفيلم بحثت بجدية وبإصرار عن ما كتب إبراهيم أصلان " وقتها كان أصدر بحيرة المساء .. مالك الحزين .. وردية ليل " قرأتها بشغف كبير .. لابد وأن أعترف بأن من يقرأ لإبراهيم أصلان سوف يجد نفسه يحيا بين أناس يعرفهم جيدا وسبق له التعامل معهم بشكل أو بآخر .. واقعية صادقة وجدت نفسي أسعى جاهدا لمعرفته والتقرب منه إلى أن حادثته تليفونيا بأنني أرغب في حوار معه .. ووافق .. و التقيته بمكتبه بجريدة الحياة اللندنية بجاردن سيتي " وبعد الحوار كانت فكرة تكريمه قد شغلت حيزا كبيرا من تفكيري وقد وفقني الله واستطعت بالتعاون مع ثقافة الغربية ومديرها المثقف الرائع "محمد عبد المنعم" أن نقيم احتفالية كبيرة تليق به .. أعتقد أنها كانت ذات وقع طيب لدي أديبنا الكبير ومازلت على مودة معه .. تجمعني به الكثير من الأحاديث التليفونية .. و أتابع قراءة أخباره وما يكتبه بجريدة الكرامة من مواقف حياتية يجسدها جيدا كعادته .. تحت عنوان ( شئ من هذا القبيل )
إبراهيم أصلان أديب ذو خاصية نكاد لا نجد سواه على مستوى الوطن العربي ينفرد بها ، حيث يتمتع أصلان بخاصية الكيف دون الكم ، ما إن صدرت مجموعته الأولى "بحيرة المساء" وبعدها بسنوات روايته الأولى " مالك الحزين " حتى أكد سمة وتمايز يؤكد بصمة وإضافة إلى الأدب العربي ، وسمة أخرى لا ندري إذا كانت تحسب لكاتبنا أو تحسب عليه ولكنها الحقيقة المجردة وهي أنه مثل العديد من المشاهير في جيله .. لا يُعرف أي منهم إلا وسط عالم المثقفين ، وعلى مستوى الجمهور يختلف الوضع تماما ، وقد فجر حوارنا معه العديد من القضايا .. مع إبراهيم أصلان كان هذا الحوار .
بعد هذه الرحلة الطويلة في عالم الأدب .. ماذا تقول؟ بعد رحلة طويلة في عالم الإبداع والنشاط الثقافي أقول أنني ما زلت على أبواب أو أعتاب مشروع كبير كان بودي تحقيقه ، إحساسي الخاص يقول إنني لم أقطع فيه إلا خطوات قليلة جدا . حدثنا عن طموحاتك وأحلامك حينما بدأت الكتابة؟ في الشباب كانت الأهداف ضخمة ، والطموحات كبيرة ، ومع تقدم العمر لم تقل الطموحات ولكن زاد الوعي ، في الصغر كنا نتصور إنه يمكننا تغيير العالم ، وأن الكاتب يملك هذه القدرة على التغيير ، كما كنا نتصور إننا صوت من لا صوت له ، بمرور الوقت أدركنا أن المثقف لن يكون مؤثرا إلا إذا كانت هناك آذان اجتماعية ضخمة تنصت إليه ! وفي ظل ظروف كتلك التي تربي عليها جيلي وفي ظل انهيار المشاريع الضخمة مثل الحديث عن الوحدة العربية التي يعتبر الحديث عنها خروجا عن أي منطق ! كنا نعيش في ظل مجموعة من الأحلام القومية الضخمة وإحساس بكبرياء ضخم جدا انهار تماما عام 1967 ، إذن هذا جيل عاش أحلاما كبيرة و خيبات أمل كبيرة أيضا دون أن يكون له دخل في هذه أو تلك !! ماذا عن الواقع الثقافي العربي ؟ لا أستطيع القول بأن العمل الثقافي أو النشاط الثقافي وهو ضرورة حيوية لأي كائن إنساني خارج اهتمام الأجهزة المعنية لدينا .. لكنه ليس جزءً من الممارسة الحياتية للمواطن ، بمعني أن توزيع أي مجموعة ثقافية أو كتاب بالفعل يمثل فضيحة بكل المقاييس على المستوى العربي ، نحن نسافر ونرى أن النشاط الثقافي بالنسبة للمواطن في دول أكثر تقدما جزءاً من نشاطه البيولوجي بل أن الأمر بالنسبة له ركن أساسي من حياته اليومية، هناك نوع من التواصل ما بين منظومة ثقافية وفكرية وبين جموع من الناس في حوار حتى لو كان حوارا صامتا ، ما بينها وبين الأطروحات الفكرية الموجودة إذن إمكانية التأثير وإمكانية التطوير قائمة . ما هي الدوافع إلى خوض تجربة الكتابة لدي إبراهيم أصلان ؟ الدافع وراء ممارستي للكتابة أنني أحس بأن الكاتب أو أي مواطن بشكل عام يكتسب توازنه النفسي وتكامله على المستوى الاجتماعي عبر مشاركته مع الآخرين في رؤيته للأشياء بشيء من التوازن ، الكاتب له رؤية بها نوع من الاختلاف بينها وبين الرؤى المطروحة ، من هنا نجد أن إحساسه بالوحشة إحساس خطير جدا ، وعلى المستوى الشخصي أرى أنني عندما أكتب أعبر عن نقاط فيما هو مشترك وإنساني بيني وبين الناس ، وإنني إن كنت لا أستطيع أن أتبنى رؤية سائدة في أن أحقق تكامل مع الآخرين من خلال أن أعيش برؤاهم السائدة فإنني أدعوهم من خلال عمل أن يشاركونني رؤية العالم فأحقق التوازن أو التكامل إن شئت لأننا نعيش في ظروف أصبحت مساحات الدفء داخل قلوب الناس مهددة ، تتآكل وتتضاءل تماما ، أنا أظن أن الكاتب لابد أن يعمل على إحياء هذه المساحات الدافئة داخل قلوب الناس . ماذا لديك عن جيل الستينات ؟ سوف يظل مفهوم الجيل الأدبي غير مفهوم حيث تتلاحق الأجيال ، أما عن الستينات فهي لم تكن مجرد حالة سلمية بقدر ما كانت حالة ثقافية كاملة ، كانت مزاج خاص يدفع بالمبدع لتقديم شهادة جمالية على واقع اجتماعي نعيش فيه وتعيش أنت خلاله .. الستينات كانت مرحلة ، ومفصل أساسي ليس بالنسبة لمصر فقط بل لشباب العالم كله ، نحن نتذكر مظاهرات الطلاب في فرنسا وفي اليابان والثورة الثقافية في الصين ، كان العالم بأكمله يعيد طرح رؤى مغايرة بحساسية مغايرة ، الستينات على هذا الأساس وبهذا المعنى قدمت جيلا مغايرا ولا أعنى أن هناك من كتب القصة أو الرواية بشكل مختلف ، لكنك تجد أنها رؤية عامة تستجمع ملامح هذا الجيل عبر كتاب المسرح والفن التشكيلي والسينما والموسيقى وعبر المفردات النقدية التي طرحت وعبر شعراء للعامية والفصحى ، وكل فصيل من هؤلاء يعبر عن ملمح من هذه الرؤية وعندما تتعرف على هذه المحاولات كلها تجد أنك أمام جيل لديه حساسية مختلفة . ما هي السمات الأساسية لجيل الستينات ؟ الملمح الأساسي الذي كان يجمع بين هذا الجيل أن الكتابة السابقة عليه كانت تبدأ من معنى معين أو أيدلوجية محددة ثم تبرهن الكتابة عبر العمل على ذلك ، حيث كان العمل الأدبي أو الفني يحمل رسالة من أجل القارئ ، وقد أصبحت هذه الرسائل مكررة ولا تعبر عن مجمل الناس ، وجيل الستينات لم يأت كي يحمل رسالة لكنه جاء عبر عمله الفني والإبداعي للبحث عن رسالة ، لم يأت ليعبر عن معنى شائع أو متداول أو مفهوم بالنسبة للعالم من حوله ، لكننا رحنا نسعى من خلال العمل الأدبي والإبداعي للتوصل إلى معنى للتوصل إلى حقيقة . وهذا لأنه في الحالة الأولى يكون العمل الفني قائم على معني ويحاول أن يؤكده أو يبرهن عليه وهذا بالتأكيد كان يحول العمل الفني إلى برهان على حقيقة بينما الحقيقة الفنية ليست بحاجة إلى برهان .. والذين أسهموا بأعمالهم الإبداعية البارزة في تأصيل هذا المعنى كثيرون ، الأسماء كثيرة جدا ومازالت تحيا معنا بكتاباتها وإبداعاتها ، جيل كامل وليس مجموعة ، كان يوجد إفراز اجتماعي مغاير كما سبق وأكدت لك هذا الإفراز كان موجودا على كافة المستويات من بينهم أساتذة جامعات ، علماء، حالة اجتماعية كاملة ، ونحن نتوقف أمام أبرز الأسماء التي عرفناها في الأدب مثل يحيى الطاهر ، أمل دنقل ، عبد الحكيم قاسم ، بهاء طاهر ، و العديد من الأسماء التي تحتاج لمساحات كبيرة لسردها الخاصية الأساسية في هذه الحالة سوف نجدها لدى من يعملون ويبدعون حتى الآن في أي مجال من المجالات لأن الهموم الاجتماعية هي الأساس في عملهم . الزمان والمكان ماذا يعنيان لك عند الكتابة ؟ نحن لا نستطيع أن نفصل بين الزمان والمكان .. بمعنى أنه لو كان هناك بيت قديم حتى ولو مهجور فهو بالتأكيد يختزن أرواح من كانوا يعيشون فيه .. سوف نجد أثار أقدامهم في كل مكان .. سوف نجد الكثير والكثير ... مجرد علبة قديمة تختزن زمن وتخزن جمالية معينة وقيمة معينة .. أنا مثلا أعتمد على عيني في الكتابة .. الأشياء والأمكنة أساسية بالنسبة لي في علاقتي بالزمن .. مثلا اعرف أنني تقدمت في العمر من خلال تطلعي في وجوه الأصدقاء .. من مروري بالحواري القديمة التي تربيت فيها .. أيضا لأنني لا أعتمد على حدوتة فيبقى إحساسي بجغرافية النص الذي أكتبه أساسي في إحكام عملية البناء لأن الحدوتة تقوم بعملية كساء الهيكل العظمي .. ولابد أن يكون لدىّ جغرافيا النص الذي أعمله حتى ولو لم أكتبها ولكن لابد من أن تكون واضحة جدا داخلي .. هذا على المستوى الفني .. عدم المباشرة هذه تبقى خاصية .. هناك مثلا أناس صوتهم عال وهناك من بطبيعته لا يستطيع تعلية صوته .. وأنا من هؤلاء .. أيضا أنا أؤمن بالأفكار الكبيرة .. والقيم والقضايا العظيمة إذا لم تبدأ في وقائع الحياة اليومية من حولي .. وأي أفكار مهما كانت عظمتها أستمتع بها كقارئ ومفكر ولكن لا تكتسب أهميتها فعلا إلا عبر تقديمها في علاقات بسيطة جدا .. وهذه العلاقات الإنسانية بطبيعتها غير زاعقة .. لا يوجد إحساس إنساني زاعق على الإطلاق .. لحظة الحزن الصامتة أكثر تأثيرا في النفس من الولولة والصياح واللطيم وما شابه .. هل يخضع رسم الشخصية لديكم لمنطق ثابت أم يرسمها الموقف داخل العمل الأدبي ؟ أنا لا أعتمد على أى ملامح خارجية .. ولكنك إذا اخترعت شخصية واخترعت لها سيكولوجية .. واخترعت لها مصيرا .. فأنت بهذا قد اخترعت جثة .. وإنما نستهدي بأناس من حولنا .. إنك تتكئ على ملامح ما موجودة .. وهذه الملامح قد يشارك فيها عدة شخصيات .. من أجل أن تكون شخص واحد .. ثم تتيح له إمكانية أن يحيا على الورق إذا كان المرء هكذا .. أنت لا تسيطر عليه بالمعنى المفهوم .. و إلا أصبح الأمر كما قلنا إنك تصنع جثة .. وإنما هو كائن حي في إطار فني .. السيطرة عليه ليس منك كمبدع ولكنها تقع عليه .. غير إنه كائن يتحرك داخل إطار فني محدد.. داخل علاقات محددة في علاقاته بشخصيات أخرى .. وفي مهام داخل النص .. هو محكوم بهذه الاعتبارات .. هو محكوم بسياق جمالي هو جزء منه وهو مؤثر وفعال داخل هذا السياق الجمالي . ما شهادتك على الواقع الأدبي اليوم ؟ نحن نعيش في مرحلة صعب الحكم عليها .. نعيش في حالة خلط ويوجد اشتباك أو مجموعة اشتباكات بين الحابل والنابل .. وفيه غياب للمعايير .. غياب للقيمة كمعيار وحيد للحكم .. أصبح هناك نوع من التوسل بوسائل غير أدبية لبلوغ أهداف أدبية .. كل هذا نتج عنه في النهاية ما يسمى أنك تعيش في ظل ضمير عام عليل .. وعلة الضمير هذه مرض خطير .. وآثاره خطيرة جدا .. فكيف يستعيد صحته ونقاءه وعافيته .. أنا شخصيا لا أعرف ؟! نحن بالفعل نعيش مرحلة مضطربة وقلقلة فما هو إيجابي يعمل سواء من الكبار أو الصغار بقدر من الجهد والإخلاص .. وهناك بعض المعايب الاجتماعية طالت الحياة الثقافية وهذا الشيء مقلق تماما .. المفترض أن الحياة الثقافية والمثقفين هم الحارس على كل ماله قيمة في حياتنا ولكن هذا الدور يناله قدر من الوهن والعشوائية والتخاذل !! الشخصية الثقافية المصرية وكيف تكون في ظل المستجدات الضخمة القادمة ؟ إذا نظرنا إلى الثقافة بمفهومها الواسع .. سوف نجد أن المقومات الشخصية للكائن المصري من الصعب تغييرها .. بمعنى أنك لا تخاف عليها .. وهذا من الممكن أن يكون لحسن الحظ وربما أيضا يكون لسوء الحظ ..!! عندنا تراكم ثقافي ضخم جدا .. إذا ما نظرنا للثقافة بمفهوم آخر .. بمعنى أنك لا تستطيع الحديث عن ثقافة أمريكية مع أن أمريكا دولة عظمى ولكنك تستطيع الحديث عن حضارة أمريكية .. أمريكا تخلق نمط أو أنماط للمضاهاة وللسيطرة على العالم .. عندما تريد الحديث عن الثقافة الأمريكية لن تجد .. لن تجد حرفة تضرب بجذورها إلى عدة مئات أو آلاف من السنين .. الثقافة قضية أخرى تماما .. الثقافة ليست قراءة .. وكتابة فقط .. من هذا الجانب نحن بحاجة أن نستعيد أنفسنا .. كيف .. لا أعرف .. !!!. أنا لست تراثيا ولا أنظر إلى التراث على اعتبار أنه ورق مكتوب .. لأننا لو نظرنا إليه على هذا الأساس .. سوف نواجه بتساؤل .. إلى أي عام يصبح تراثا .. وإلى أي عام آخر لا يصبح تراثا ..!! وأعتقد أن التراث ليس قوة منفصلة عن الحياة الاجتماعية التي نحياها.. نحن نتحرك على هدي من التقاليد والقيم والأعراف .. وهذا تراث غير مكتوب .. لأن التراث الحقيقي والفعال والمتأصل حتى هذه اللحظة بداخلنا .. داخل هذا التراث هناك قيم تستطيع أن توائم ما بين هو مستنير وما هو أصيل .. تستطيع التوفيق الكامل بين قيم التقدم والخضوع الكامل للخرافات .. علينا إذن أن نعمل في هذا الاتجاه .. للحفاظ على هذه القيم ونفتح الباب للتغير ولكن بما يفيد . ما رأيك في مصادرة بعض الإصدارات ؟ بطبيعة الحال مصادرة يعض الإصدارات يعتبر أمر مسيء للغاية .. ولكن ما حدث مؤخرا أنا شخصيا لا يزعجني هذا .. لأن بإمكاني و إمكانك الحصول على كتاب "النبي" من الهيئة العامة للكتاب .. وهو أيضا موجود في معظم البيوت .. ما حدث هو أن الرقيب صادر .. رئيس الدولة يقول لن تتم مصادرة أي كتاب إلا بأمر قضائي .. الخارج قال أن مصر فقدت دورها وفقدت كذا وكذا لأنها أصبحت تصادر الفكر .. ولكن الرد أن مصر لا تصادر الذي صادر هو الرقيب .. لا الرقيب يمثل مصر .. ولا الحكومة المصرية تمثل مصر كلها .. ولا أحد يمثل مصر .. مصر أكبر جدا من أن أي فرد أو جماعة يمثلها كاملا .. وعندما يتم الحديث عن الكتب المصادرة يرون عربيا أن هذه نقيصة .. تلفت انتباههم ولكننا نحن المثقفين المصريين الذين نثير هذه القضية .. وللعلم أنا مثلا باعتباري مشرفا على سلسلة "آفاق الكتابة" بالهيئة العامة لقصور الثقافة سوف أعيد طباعة كتاب "النبي" ولن يعترض أحد . ما هي البصمات التي تركتها معيشتك في حي شعبي وأثرها على كتاباتك ؟ صعب التكلم عن بصمات محددة ولكن انتهى الأمر أنني أصبحت أنتمي لهذا الحي الشعبي بكل خصائصه ومن الصعب وصف هذه الملامح والأمور لكن هي تجربة مختلفة عما لو كنت نشأت في حي آخر فأنا نشأت في حي شعبي ولازلت أعيش في حي شعبي . والسرد لا يكون فقط سردا في الروايات والكتب ولكن هناك سرد اجتماعي وسرد سياسي وجنسي والسرد المهيمن عادة تقوم به مؤسسات عبر قرون ومؤسسات سياسية دينية واجتماعية وخطورة هذا النوع يقوم على التفكير بدلا من الناس والتخيل بدلا منهم فهو في النهاية منطق تدجيني لتدجين الناس فالمؤسسات تقوم باختيار ما تعتقده أنه مناسب للناس فهي تفكر لهم وتقرر لهم مصائرهم ويسفر عن ذلك أن تسود حالة كاملة من السلبية لأنك عندما تصورني أو تتخيلني لا تتوقع مني أن أسعى لتحقيق أفكارك لي أو تحقيق أحلامك لي يجب أن أحلم لنفسي وأفكر لنفسي فمنطق السرد الشعبي أو السرد الشفاهي منطق مختلف فهو مفيد جدا إذا انتبهنا لهذا المنطق وهذا يجعلنا مدركين أن أهمية العمل الفني تتمثل في إتاحة إمكانية للناس أن تفكر وتتخيل لنفسها . تغيير اسم الرواية من "مالك الحزين" إلى "الكيت كات" وما هو السبب وراء تغيير الاسم وإلى أيهما تنحاز ؟ السبب إنتاجي في الأساس ولمالك الحزين كاسم لا يوجد في الرواية ما يسمى مالك الحزين لكني استلهمت هذا الاسم لأنه يطلق على طائر كنت أسمع عنه حواديت كثيرة من بينها أنه عندما لا تفيض المياه والخضرة في بر مصر فإن هذا الطائر يطوي جناحيه ويجلس صامتا وحزينا طوال الوقت أو يحلق في الجو يبحث عن الرواج ويضم جناحيه ويقع عليهما مرات متعددة في محاولة للانتحار للتعبير عن حزنه مما أصاب هذا الوادي فالعنوان مدلول الحكايات التي تدور حول الطائر . سينيمائيا المنتج صعب عليه أن يكون هناك فيلم "مالك الحزين" وفيلم "الكيت كات" كان أحد الأسماء المقترحة للرواية ومكثت فترة طويلة أمام قائمة العناوين إلى أن قمت باختيار هذا الاسم واختيار اسم مغاير هو حق لمن يقوم بصرف مبالغ طائلة على إنتاج الفيلم .. وأنا بالتأكيد أنحاز لروايتي ولكن هذا لا يمنع أنني سعدت بالفيلم . وما الذي حققه الفيلم للرواية ؟ الفيلم حقق نوعا من المعادلة الصعبة التي تعد مشكلة للسينما في العالم بمعنى أن يكون هناك عمل أحتفظ بكمالياته وقيمته الفنية وفي نفس الوقت يستطيع أن يكون نوعا من التواصل الحميم مع الجمهور وسعدت أن أكون لي دور في الفيلم الذي يعتبر من الأعمال الهامة في تاريخ السينما المصرية والعربية . مما تفسر اتجاه جيلك للكتابة التليفزيونية ؟ الأمر مختلف فكتاب الدراما ذو الأهمية بدأوا كتاب قصة كنجيب محفوظ وأسامة انور عكاشة وهؤلاء بدأوا مشروعهم في الدراما من وقت مبكر أما بالنسبة لبهاء طاهر مازال حتى الآن يكتب قصص وروايات و"خالتي صفية والدير" إعداد عن رواية كتبها كرواية ولم يكتبها للتليفزيون. ما مدي قدرة الكتابة على توصيل رسالة الكاتب ؟ المفروض أن الكتابة تكون قادرة على فعل هذا لكن أقول عن نفسي لا أسعى بالمعنى التقليدي لتوصيل رسالة محددة للقارئ ولكن أنا أسعى نحو رسالة فأنا لا أبدأ من رسالة ولكني أسعى نحو رسالة ولتصل هذه الرسالة بشكل جميل يتطلب من القنوات التي تقوم بالتوصيل أن تكون قادرة على الالتقاء بالناس وكذلك لابد أن تكون الناس مؤهلة فهناك مشكلات تقابل الكاتب فكل ما يقوم به الكاتب الكتابة بشكل سلس وجيد لتوصيل رسالته ولكن هذا يتوقف على اعتبارات سياسية واقتصادية خارج نطاق إمكانية الكاتب . ما رأيك في مقولة جابر عصفور أننا في زمن الرواية ؟ الحقيقة أنها من الآراء التي أصر عليها وأحاول لفت الانتباه لها وإن كنت أقولها بصيغة مختلفة بمعنى أن الناقد لابد أن يمتلك في عمله الفني تجربة حياتية وحساسية معينة يعبر عنها الكاتب في إطار تجربة بجانب أداوته النقدية ونزاهة ضمير حتى يستطيع التعامل مع النص بشكل جيد . ما رأيك في كتّاب القصة بعد جيلك وهل هناك تواصل أجيال ؟ بعد جيلي هناك العديد من الكتاب ومن بينهم مواهب حقيقية فأنا أفترض أن التواصل مثل ما يتصور الآخرون أنه تواصل شخص فأنا على علاقة بمن هم أقل مني سنا فالتواصل يتم ضمن موجز أدبي وثقافي ومن هنا فالتواصل موجود شئنا أم أبينا .
| |
|
حمدي علي الدين المدير
عدد الرسائل : 1252 تاريخ التسجيل : 15/04/2007
| موضوع: رد: إبراهيم أصلان : جيل الستينات لم يكن حالة مجردة 9/7/2007, 16:59 | |
| ما رأيك في المؤتمرات الأدبية وهل ترى أنها تثرى الحركة الثقافية ؟ هذا متوقف على عنوان المؤتمر و التوصيات التي يصل إليها وإمكانية تحقيقها . ما هي الآثار الذي تركها عملك في التلغراف عليك؟ جعلني أزداد يقينا ببعض الأشياء فأنا أؤمن بأن كل ما يمكن استبعاده من النص يستبعد ما دام هذا المستبعد إحساس وراء القليل الذي يكتب ومؤمن في نفس الوقت أن المكتوب لا يكون مهما في حد ذاته ولكن أهميته في قدرته على التعبير عن كل الأوجاع الغير مكتوبة لأن ما هو حقيقي غالبا يكون عاصي على الكتابة وهذا الغائب هو الذات التي أكتب بها فنحن أمام نهجين من التعبير إما أن نعبر عن تجربتنا أو بغير هذه التجربة فإما أن نتكلم عن العدل أو نتكلم بعدل .. فأن تتحول القضايا الإنسانية الكبيرة من موضوع التنازل لأداة للتنازل إلى نبرة صوت إلى قيمة لدينا إلى أزميل للتعامل مع حجر وأنا مؤمن بكل هؤلاء بشكل عملي . وعملي في المواصلات اللاسلكية انتهيت من خلاله لحقيقة أكدت على عدم اللجوء إلا لكتابة كل ما هو مفيد وضروري فأنا عينت سنوات طويلة في مكان الكلام فيه بفلوس وتحولت إلى عبقري في صياغة الكلمات من خلال قراءتي للرسائل المرسلة والآتية من الخارج وهذا يعتمد على خبرة مباشرة بين المرسل والمتلقي أي تجربة يحاول استثمارها ليصل لشفرة توصل معلومات في أقل عدد من الكلمات ومن يمارس عمل إبداعي بينه وبين كل إنسان مشترك إنساني وليست تجربة مباشرة . ما رأيك في المشهد النقدي الآن ؟ في مجتمعنا العربي نحن مجاملون إلى أقصى حد أي لا أريد القول المنافع الصغيرة وهذا يدر ربحا ولكنه ضار . وإن كان هذا لا يمنع وجود أصوات ما زالت تتمتع بالنزاهة فإذا كان الضمير العام عليل فعلاجه يتمثل في إعلان أصاب الضمائر الحقيقية عن آرائهم بشكل واضح ليضعوا الأمور في نصابها فالدوريات لا تكتسب قيمتها إلا من المسئولين عنها أو الذين يعملون فيها فهي مجرد دورية وقيمة أي دورية ونزاهتها ودورها يقف على المسئولين عن هذه الدورية . امتازت الرواية عندك بتقنيات القصة القصيرة .. هل هذا اتجاه مقصود ؟ بدأت كاتب قصة قصيرة وعاشق لها وأنا رؤيتي جزئية ولا أعرف التعامل مع الكليات والمعاني العامة ورجل تثيرني النماذج والتفاصيل الدقيقة جدا والعامرة وأنا اكتب رواية بالمصادفة ولكن يوجد بذهني هذا .. فلقد قرأ لي نجيب محفوظ بعض القصص القصيرة ولفتت نظره وقام بالتبرع لي بعمل تزكية للتفرغ وبالفعل تم الموافقة على ذلك وكانت هذه التزكية تعطي لكبار الكتاب وكان هذا التفرغ لا يكتب إلا للرواية فكتبت مالك الحزين وواجهتني مشكلات فنية عديدة . لاحظ أحد النقاد أن المرأة في رواياتك مهمشة ومجرد أداة للمتعة ؟ أنا لا أعرف شيئا اسمه المرأة في الأدب فنستطيع القول فاطمة ، حسنين لأن في الأدب لا نتناول المرأة كمعنى عام فكل إنسانة لها مقوماتها الشخصية فالأدب يتعامل مع شخصيات محددة . ما رأيك في توظيف التراث في العملية الإبداعية ؟ أنا لا أعترض على توظيف أي شيء في العملية الإبداعية لكن أنا ليس لي تراث والتراث ليس ما هو مكتوب فقط ولا أعرف "اللي مكتوب لغاية سنة كام تراث وبعدها ليس تراث" والتراث ليس عنصرا منفصلا عن ممارستنا اليومية فالتراث به ما هو مدون وما هو غير مدون فهو جزء من أعرافنا وتقاليدنا دون أن نستشعرها إنما التراث بشكل عام لست مشغول به. "الصحافة مقبرة الأدباء" ما رأيك في هذه المقولة؟ أنا لست معين كصحفي ولا أعمل هنا باعتباري صحفي رغم أنها مهنة جميلة ودوري يتوقف على قراءة الأعمال المقدمة للنشر وترشيح الأنسب فانا أعمل وعندي 17 عاما والعمل لدي أساس وعملي هنا جعلني على صلة بالدنيا ومكنني من الإطلاع . قلة أعمالك الأدبية .. ما السبب وراءها ؟ ما دام هناك كتاب يكتبون الكثير لابد أن يكون هناك كتاب يكتبون القليل وأنا لا أكتب إلا ما يلبي لدي احتياجا حقيقيا داخلي وبالفعل ستلبي احتياجا حقيقيا لدى الآخر . بعدك عن الأضواء .. بماذا تفسره ؟ عندما أكون بعيدا عن الأضواء اشعر بارتياح نفسي واتزان وتواؤم فمجرد ما أكون محل نظر أشعر بقلق عميق . http://www.alhafh.com/web/ID-1039.html | |
|