الأولمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الأولمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــب

للإبداع الأدبي الحقيقي بحثا عن متعة المغامرة
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 بودلير وقصيدة النثر

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
حمدي علي الدين
المدير
المدير
حمدي علي الدين


ذكر عدد الرسائل : 1252
تاريخ التسجيل : 15/04/2007

بودلير وقصيدة النثر Empty
مُساهمةموضوع: بودلير وقصيدة النثر   بودلير وقصيدة النثر Icon_minitime25/4/2007, 03:40


عبد القادر الجنابي إيلاف

تبرهن الدراسات البودليرية منذ مطلع ستينات القرن العشرين على أن قصائده النثرية تحظى بدراسات أكثر مما ناله كتابه "أزهار الشر." وهذا لم يحصل فقط مع بودلير، بل مع مالارميه الذي أصبحت أعماله النثرية اليوم محط دراسات جدية أكثر من أشعاره التي تبدو وكأنها قد نسيت، وكذلك مع رامبو الذي لولا "الاشراقات" لكان في عداد المنسيين مهما كانت قصائده الموزونة كـ"القارب السكران" جميلة، ومع بول كلوديل الذي راحت أوزانه وقوافيه تتلاشى أمام هذا المد النثري الهائل في كتابيه "معرفة الشرق" و"الطير الأسود في الشمس الطالعة". أما ماكس جاكوب فلولا "كوب الزّار" لما عرف أحد ما الذي سيبقى منه! كما أن أحد المهتمين بالروحانيات قال إنّ "قصيدة النثر تعرّض مؤلفها إلى شر القوى العليا"، مؤكدا كلامه عن سوء حظ برتران الذي اختفى قبل أن يتمكن من طبع كتابه، وبالشلل الذي منع بودلير من استكمال مجموعة قصائده النثرية، نهاية رامبو الفظيعة الذي لعله لم يعلم أن "الاشراقات" قد طبعت. يقيناً إن نكد الطالع لم يراع شعور هؤلاء الشعراء، لكن عملهم لم يعرف، وهذه هي المعاناة، أين يختلف شكله من هذا الذي أرادوا إعطاءه. لكن نحن هنا في صدد هذا الذي وصفه رامبو بـ"الرائي الأول، ملك الشعراء، إله حقيقي" : شارل بودلير.
أولاً، يجب توضيح معنى كلمة Spleen. إنها لفظة انكليزية تعني "الطحال." على أن الرومانتيكيين حمّلوها معنى جديدا في كتاباتهم الشعرية، وهو المعنى الذي دخل اللغة الفرنسية: "المنخوليا" أو "السُويداء". وفي المناسبة إن كلمة "السَوداء" تعني بالعربية في آن الطحال ومرض المنخوليا. وفي العامية العراقية، عندما نريد أن نصف شخصاً سوداوياً وكئيباً نقول: "مطوحل". لعل أقرب ترجمة إذاً لعنوان قصائد بودلير النثرية Le Spleen de Paris هي "سوداوية باريس". ثانياً إن بودلير كان متردداً بين عناوين عدة لقصائده النثرية الصغيرة" هذه: "قصائد ليلية"، وهو عنوان أشبه برد الجميل إلى الزيويس برتراند. ثم العنوانان التاليان: "المتنزه المنفردُ بنفسه" و"الجوّال الباريسي" اللذان يختصران انهمامات حقيقية بباريس يتناولها بعض قصائد الكتاب. غير إنّ بودلير، اعتباراً من العام 1863، بدأ يفكر في عنوان جديد يتردد كثيراً في رسائله: "سوداوية باريس". لكن عددا من النقاد يرفض وضع هذا العنوان على مؤلَّف مات بودلير قبل الانتهاء منه. كما أن الكثير من القصائد التي جمعت في هذا الكتاب وهي قصائد بودلير، فكر، حقاً، في ضمها، لا تتناول باريس، بل لا علاقة لها البتة بهذه المدينة، وإنما ببقاع ومدن أخرى. لذا أتفق الجميع على وضع عنوان: "قصائد نثر صغيرة" (والمعنى هنا قصيرة) مع عنوان فرعي: "سوداوية باريس". وأفضل توضيح لمشروع بودلير النثري الملاحظة التي كتبها الناقد الفرنسي غوستاف بوردان (ويقال أن بودلير أسرّها إليه) في "الفيغارو" في 7 فبراير/شباط 1864:
"سوداوية باريس" هو عنوان تبنّاه السيد شارل بودلير لكتاب يحضّره، ويريده أن يكون خليقاً بـ"أزهار الشر". وبالطبع، إن كل ما قد أقصيَ من الصنيع الشعري المقفى والموزون، وما صعب عليه التعبير عنه، كل التفاصيل المادية، بل كل لحظات الحياة النثرية، تجد مكانها في العمل النثري حيث المثالي والمبتذل ينصهران في ملغمة متلاحمة. من جهة أخرى، إن الروح الكئيبة والمريضة التي افترضها المؤلف ليكتب "أزهار الشر"، هي تقريباً نفسها التي تؤلّف "سوداوية باريس". وفي العمل النثري هذا، كما في الديوان المنظوم، كل ما يوحيه الشارع، الظرف والسماء الباريسيان، كل انتفاضات الوعي، لواعج التخيّلات، الفلسفة، الحلم، وحتّى النادرة، يمكن كل هذا أن يأخذ دوره بالتناوب. فالأمر يتعلق فقط بالعثور على نثر يتكيف والحالات المختلفة لروح المستطرق الكئيبة. قراؤنا سيحكمون إن كان السيد شارل بودلير قد نجح في هذا.
يظنّ بعض الناس أن لندن لها الحظ الأريستوقراطي في أن يكون لها سوداوية، وإن باريس، باريس البهيجة، لم تعرف قط هذا المرض الأسود. لعل هنا، كما يزعم المؤلف، نوعاً من سوداوية باريسية؛ ويؤكد أن هؤلاء الذين عرفوها، وسيتعرفون عليها عددهم كبير."
توفي بودلير في 31 آب 1867 وفي اليوم الذي حُمل فيه إلى المقبرة برفقة شلة صغيرة من الأصدقاء والمعجبين، كان المطر شديداً والجو كئيباً، وعلى بعد خمسين متر، كانت هناك جنازة أخرى فخمة مصحوبة بالجوقات والطبول والهيئات الرسمية لأحد صغار موظفي الشرطة. ألا نرى هنا قصيدة نثر مُرة امتزج فيها المِثال، بودلير، بالعادي والمبتذل، رجل الشرطة الصغير؟
"مع بودلير"، يقول والتر بنيامين، "باريس أصبحت للمرة الأولى موضوع الشعر الغنائي. والشعر هذا ليس فولكلورا محليا؛ فنظرة الشارح الرمزي التي تقع على المدينة هي بالأحرى نظرة إنسان مغترب. إنها نظرة المستطرق الذي أضفت طريقة حياته على فاقة البشر المتنامية في المدينة الكبيرة بصيصاً إسترضائياً."
في الحقيقة إن ثورة بودلير الثانية هذه، حيث يتماهى الحدث العادي واللقطة السامية في نثر حياتي جديد، جاءت في عز تعبيد شوارع باريس وتحديثها. وشعر بودلير إن قصيدة النثر هي القادرة على التعبير عما ترسل المدن الكبرى من شعاع شعري وأبدي إلى معالم الحياة اليومية. وبما أن لكل حقبة شاعرها العرّاف الذي يُسرّ إلى أهلها بحقائق ظاهر ما تجدد وباطنه، فإن بودلير هو، عن حق، شاعر الحقبة البورجوازية. إذ هو أول من التفت إلى الدفق الشعري الكامن في هذه المعالم، وإن كانت هي عابرة وزائلة تاريخياً، فقد راحت تتلمح زخماً حسياً غرضه تحديث الإنسان ودفعه إلى الأمام. ولذلك عبر بودلير عن هذا الجديد بكلمة صارت عنوان الخلق والتقدم: الحداثة، مشيراً إلى كل ما يتأتى عن حسيّة جمالية لم تدركها الأزمنة السابقة، مُميزة بقدرتها على إدراك ما هو أبدي وشعري في هذا العابر والزائل. روبرت كُب الذي حقق كتاب بودلير كتب في مقدمته لـ "سوداوية باريس": "إن ديوان "أزهار الشر" يفتح الطريق إلى الشعر الحديث، بينما كتاب "قصائد نثر صغيرة" يستهل شعر الحداثة." والكلام هذا صحيح ، لأن البطل المضمر في كل قصائد بودلير النثرية هو هذا المُستطرق Le flâneur الذي يختلف عن المتسكع المتحول أثناء تطوافه إلى جزء من هذه المعالم المترامية مشهداً خلاباً، وهكذا يُحبس عن أية قدرة نقدية كامنة، ويصير جزءاً من هذا المشهد فيضيع فيه ضياعاً تاماً. بينما المستطرق متسيّب بإرادته في الطرقات والمعابر، تاركاً حاسته التشكيلية السوداء والعيناء تتفرج على هذه الأزياء، الزحام، واجهات المحلات، بائعات اللذة الخ...، راصدة في هذه المعالم العابرة والزائلة كل ما هو أبدي منفلت، وشعري عارض.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
رامي نور
مشرف
مشرف



ذكر عدد الرسائل : 104
تاريخ التسجيل : 23/04/2007

بودلير وقصيدة النثر Empty
مُساهمةموضوع: رد: بودلير وقصيدة النثر   بودلير وقصيدة النثر Icon_minitime16/7/2007, 23:23

مهم جدا هالحكي ....
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
إدريس الشعراني




ذكر عدد الرسائل : 7
العمر : 71
Localisation : المغرب
Emploi : أستاذ للرياضيات متقاعد
Loisirs : شعر-موسيقى-مسرح
تاريخ التسجيل : 25/06/2007

بودلير وقصيدة النثر Empty
مُساهمةموضوع: رد: بودلير وقصيدة النثر   بودلير وقصيدة النثر Icon_minitime17/7/2007, 19:25

شكرا أخي حمدي على هذه الورقة المهمة والتي ألقت الأضواء حول واحد من أكبر شعراء القرن العشرين

تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.driss07.piczo.com
حمدي علي الدين
المدير
المدير
حمدي علي الدين


ذكر عدد الرسائل : 1252
تاريخ التسجيل : 15/04/2007

بودلير وقصيدة النثر Empty
مُساهمةموضوع: رد: بودلير وقصيدة النثر   بودلير وقصيدة النثر Icon_minitime25/7/2007, 14:41

رامي نور كتب:
مهم جدا هالحكي ....

رامي

مرورك عليه جعلني أشعر بقيمته رغم قيمته
مودتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
بودلير وقصيدة النثر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأولمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــب :: الرؤى :: رؤى العظماء-
انتقل الى: