يتبرز بين نبتتين من الفاصولياء
كلما تذكرت أمي كيف كانت تزرع الفاصولياء في حقلنا أشعر بالوجع وتسقط عيني كحبة زيتون يدوسها الطفل الذي يتبرز بين نبتتين من الفاصولياء, حيث يوجد ما يكفي من الحصى الملساء ليمسح مؤخرته الصغيرة والكثير من التراب الناعم ليرسم عليه أحلاما وأشكالا وهو يتبرز, ذات مرة رسم دائرة في داخلها مربع داخله ليس مستحيلا أن نحقق ما نريد…كان ملتصقا بأحلامه كشامة في الخاصرة اليسرى.
حين كان يأكل فلما كرتونيا قصيرا مع صحن من الفاصولياء حلم بأن يقطع نهر النيل إلى نصفين نصف يهبه لغيوم بيروت ونصف يزوجه لنهر بردى كي تزهر أرصفة دمشق القديمة بالفاصولياء.
الآن وأنا أتناول الوجبات السريعة وأشرب البيبسى وأدخن …أشعر بالخجل من خشب سريري الذي وعدته بأن أعيده غصنا مزهرا ذات ربيع, الآن وأنا … كلما تذكرت لون وسادتي يؤلمني وجهي ويسقط مني كالزر الأبيض في سروال الطفل الذي كان يتبرز بين نبتتين من الفاصولياء, وكانت أمي تجلس على بساط مربع وتنخز إصبعها خمس مرات وهي تخيط الزر بشكل دائري.
الآن ربما تغيرت كثيرا لكني لازلت ملتصقا بأحلامي كنمش على جسد أبيض …يا صديقي الصغير لا تتركني وحيدا أريد أن يجري سعالك ورائحة البسكويت وطعم الحليب النيئ تحت جلدي كينبوع في أعماق الأرض أريد قدميك الصغيرتين كي أمشي في بيروت وأقيس المسافة بين شارع الحمرا ونعشي.
افتح يديك انظر نحن متشابهان لنا ذات الخطوط والانحناءات وقليل من الأحلام المختلفة نحن متشابهان كعدم دهشتنا بمجيء نبي جديد متشابهان كخطيئة كمغفرة كاختلاف الكتب المقدسة.
ابقى معي لأخبرك كيف علمت أمي بأنك كنت تبول أنت وأصدقاءك على نبات الفاصولياء, لا تمضي فغدا سننذر للأولياء زهرة درباس ونأكل حبتي كرز منسيتين فوق بياض الثلج وللكرة الأرضية سنصنع زنارا من حشائش البحر بدل خط الاستواء ثم نمسك هذه الأرض من شعرها ونرمي بها فوق سرير من الخشب, عندها ستعلم بأن الأبدية هي تلك اللحظة التي تعبر فيها بزورقك مضيق البرتقال وفي فمك حبة كرز.
رامي نور
ramenoor@hotmail.com(عن أوكسجين)