الأولمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الأولمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــب

للإبداع الأدبي الحقيقي بحثا عن متعة المغامرة
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 لوركا بين وردة الفجر و رماد الموت بقلم : حسن غريب أحمد

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
رياض الشرايطي




عدد الرسائل : 60
تاريخ التسجيل : 21/04/2007

لوركا بين وردة الفجر و رماد الموت بقلم : حسن غريب أحمد Empty
مُساهمةموضوع: لوركا بين وردة الفجر و رماد الموت بقلم : حسن غريب أحمد   لوركا بين وردة الفجر و رماد الموت بقلم : حسن غريب أحمد Icon_minitime26/4/2007, 11:19

لوركا بين وردة الفجر و رماد الموت

بقلم : حسن غريب أحمد

كاتب وناقد مصري

توحى قصيدة لوركا ، شاعر إسبانياً الشهير { مشهد مع قبرين و كلب آشورى } بأنه كان يشعر باقتراب نهايته ، و سقمه يمكن أن يكون شاهداً على قتل الشاعر رغم أنه كان محايداً أثناء الحرب الأهلية التى عاشتها إسبانيا و ما رافقها من مجازر و اغتيالات سادَّية نالت من المقاتلين من أجل الكرامة كما نالت من الأدباء و
الفنانين و باقى الرموز الحضارية التى صنعت مجد إسبانيا الحقيقى .
ولد لوركا المحايد إلا فى انتمائه للوطن و الشعر عام 1898 م فى قرية ( فوينتى فاكيروس ) الواقعة فى مقاطعة غرناطة . كانت عائلته من الملاك الميسورين .أما السمة التى طبعت طفولته الأولى فهى التذوق الشديد للموسيقي المكتسب فى عائلته ، و الظاهر فى أعماله الشعرية المتمتعة بالحس الإيقاعى . و هو الحس
الذى وسعه عبر الاتصال بصديقه [ مانويل دى فالا ]
بدأت الكتابة طريقها إليه و هو لم يتجاوز الثامنة عشرة و ذلك إثر رحلة دراسية عبر مدن ( قشتالة ) الأثرية ، فجاء كتابه ( انطباعات و مشاهد ) ثمرة لتلك الجولة ثم عُرف { لوركا } فى مجال الشعر بعد أن نشر عام 1921 م ديوانه ( سفر القصائد ) الذى جرى الاتفاق على أنه إحدى نقاط انطلاق الشعر الجديد ، لكن الشاعر
الذى لم يكن مدينا إلا لنفسه بفرادة تعبيره ، استمر بتخزين الألحان و
الأغانى ، يدندنها سراً قبل إخضاعها لحكم أصدقائه .
هكذا ولد ديوان الأغانى ثم الديوان الفجرى
Romancero Gitano عام 1928 م ، و هو آنذاك رائعة الشاعر و هنا اختلط الانفعال الذاتى بانفعال الشعب و التقت الغنائية فى تدفقها مع مياه تراث تاريخى و قومى عظيم . هكذا فى هذه القصائد التقت المتناقضات من جديد و
ظهرت كالمنمنمات الشرقية المحاطة بالورود و القرنفل و التى يحتضنها شريط ماء حى .
إن امتلاء الشكل
و الوحى و الفكرة و الغناء يكفى دون شك لتفسير الرواج المدوى لمجموعته {الديوان الفجرى } التى تأتى كملحق لتلك الموشحات الأندلسية التى كانت تغنى
فى غرناطة ، أيام جعل العرب من الأندلس ( أجمل مملكة إفريقية ) فــ {
لوركا } هو الأول ، دون شك ، الذى جمع ذكراها بهذا القدر من الدقة و
أعطاها شكلاً بهذا الكمال

بعد ذلك نلمح إيقاعاً مختلفاً فى مجموعته ( الشاعر فى نيويورك ) التى سطرها بمناسبة إقامته فى الولايات المتحدة الأمريكية ربيع 1930 م فما كتبه آنذاك أتى إبقاعاً أوسع ، متطابقاً مع إيقاع الحياة فى المدينة الأمريكية الكبيرة ،
المدينة التى تعبر فوقها [ قطعان ثيران تدفعها الريح ] كان لوركا فى هذه القصائد يستحضر عبر لغة تذكر بلغة ( ويتمان ) ما بقى محفوراً فى نفسه من صور الشاعر الأمريكى العجوز ، الذى يصفه على شاكله تمثال فخم و عملاق
مرسوم بألوان الشمس الغاربة على شواطئ الهدسون : أيها الشيخ الجميل والت ويتمان .

لم انقطع لحظة واحدة عن رؤية لحيتك المليئة بالفراشات

و كتفيك المخملتين الممحوتين تحت القمر .

و صوتك ، عمود رماد .

لقد جمعت تباشير قصائد لوركا ما بين مشاهد الطبيعة الميتة و الغيتارات النائمة و الخيالات
المبسطة و الصور الشعرية المتحولة إلى مشاهد ذات خطوط أنيقة تهيمن عليها مجموعة الألوان الحمراء والصفراء ، و رسوم لوركا الأولى ، تلك الرسوم التى
كان يرسلها إلى أصدقائه الغرناطيين حين استقر فى مدريد ، و التى أراد الإشارة فيها إلى أن الرسم لا ينفصل عن الشَّعر يروى ( سيلفيا دور دالى ) الذى عرف لوركا فى سن العشرين ، عندما كان طالباً حقوقياً ، عن
الاجتهاد الذى كان يتميز به لنسخ رسومه على قصائده ما من صورة شعرية
لم تحضره بلون فاقع ، محاطة بذلك النغم الموسيقى الرائع الذى يدلنا على مقدرته غير العادية لإعطائنا الألوان بشعاعها الصافى المصقول دائماً بصور طفولته البراقة
لقد حافظ بأمانة متواصلة على صور تلك المدينة القديمة ، مدينة غرناطة التى ولد بالقرب منها والتى تتكسر عليها ألوان الطيف كما على جوهرة بألف زاوية انعكاس
و بمقدار ما سينضج نتاج الشاعر ستخف الألوان لكنها لن تُمحى بالتأكيد و لن تذبل ، و هى
تشكل جسداً واحداً مع الكلمة ، سوف تدخل فى الظل ، تتجمع فيه كموضوع الموت المتشابك مع الصور و التنويعات المأساوية و المؤلمة ، و مع الحزن الشفاف الممتزج بالصور الأكثر غبطة :

القلوب الأندلسية

تفتش دائماً

عن أشواك قديمة )

فى كل مكان نكتشف هذه الرموز و صور الموت الدامية المقترنة بالحب هكذا ، من الموسيقي و اللون و الكلمة يتعارض الحب و الموت ، و يتداخلان بشكل حميم جداً تعكسه
قصائد لوركا ، بحيث يستحيل فصل الأول عن التالى
إنهما موضوع واحد يجرى التعبير عنهما ، و الخلط بينهما ، عبر صور تحتمل غالباً معنى مزدوجاً
، و هذا الذى نفهمه منذ البدء عندما نقرأ تلك القصائد ، و ذلك الذى نكتشفه فيما بعد داخل أنفسنا : ( كل ضوء العالم يتجمع فى مقلة ) و ( أتطلع إلى قلق عالم حزين متحجر ، لم يعد يعتر على نبرة نشيجه الأول )
إضافة لذلك ، انجذب لوركا إلى المسرح ، و كتب مسرحية ( أذية الفراشة ) التى عرضها فى مدريد عام 1921 م و رغم فشلها ،إلا أنه استمر فى الكتابة المسرحية ، فجاءت بعدها مسرحيته ( ماريا بينيدا
) و هى دراما تاريخية منظومة ، و تلاها مسرحيات متنوعة أخرى ، مثل يرما
Yerma ( المرأة العاقر ) التى شهدت نجاحاً منقطع النظير على مسارح بلاده و
أمريكا الجنوبية .
تتميز هذه المسرحيات جميعاً بجاذبيتها حيث يجرى استخدام فن الصمت ببراعة و بكثافة شعرية عظيمة و لكى يخدم هذا الشاعر فنه ، و يجعله شعبيَّاً حقاً دون تنازلات عديمة النفع ، لم يتوان عن جوب الطرقات على رأس فرقة مسرحية تقدم تمثيليات فى المدن الصغيرة و قرى المقاطعات .
كان قد درس عن كتب مشكلات الفن المسرحى ، فى كوبا حيث حاضر فى الأدب الإسبانى ، وفى
الأرجنتين حيث قدم اقتباسات للأدباء الكلاسيكيين الذين شاخت لغته، بيد
أنه تدرب على الإفراج مع فرقته الجوالة تدريباً سمح له بمواصلة رسالته
الفنية
هذا المسرح البسيط و الصارم ، أعاد إلى الحياة تقليد الشرق القديم ، و هكذا دفع ضريبته للأرض الأندلسية ، لكنه كان يريد أن يعبر عن شئ آخر ، أن يتجاوز الإطار الذى حدده لنفسه منذ البدء ، و أن يرسم الإنسان فى ذروة انفعالاته
إن الموت فى نظر الشاعر هو الحقيقة النهائية ، القوة التى لا تنفك تلتهم و تلد فى حركة
متكررة إلى الأبد 0 لقد عاش ( لوركا ) مهووساً بفكرة الموت و الدم 0 بيد
أنه كان يختزن فى أعماقه شهوة عارمة للحياة تفوح منه حيوية جعلته مركزاً
متحركاً يدور حول الأصدقاء و المعجبون ، رسامون ، و شعراء ، و موسيقيون 0
عبَّر عن ذلك الشاعر ( بدرو ساليناس ) إذ قال { كنا نتبعه جميعاً ، لأنه
كان العيد و الفرح } 0 حركة دائرية ، دوامة مؤلمة مشددة إلى الأسفل ، إلى
التراب الأبدى و العشب النابت فى الأجساد المتآكلة 0 و أرهب ما فيها ذلك
النسيان يمر بمياهه على الوجوه الحميمة ، فيطمسها إلى الأبد ، تلك
المساواة فى الموت ، حيث تتشابه الكائنات جميعاً دونما استثناء 0

هكذا كان يستحيل على القتلة ، و هم يمزقون قلب
شعب إسبانيا بخناجرهم الحاقدة الباردة ، أن يهيئوا لفديريكو مصيراً آخر ،
فلقد كان يرسل جذوره عميقاً فى الأرض الأندلسية ، و يفتح ذراعيه واسعتين
لريح المستقبل و أشعة الفجر الطارق أبواب قرطبة و أشبيلية و مدريد 0 ففى
صبيحة التاسع عشر من تموز عام 1939 م كان جثمانه مرمَّياً فى وادى فيزنار
قريباً من غرناطة التى أحبها 0

هكذا كان لدى
شاعرنا الذى مات فى سن الثامنة و الثلاثين فضول لا حدود له ، رغبة قوية فى
معرفة كل شئ و الاستفادة من كل شئ 0 لقد دمج فى شعره الغربة و الموت و
الحب و الحياة و اللون و الدم الذى سقى به انتماءه إلى أرض غرناطة القديمة
التى بقى شاعرنا أميناً لها حتى النهاية 0

و تبقى الأرض خشبة الخلاص الوحيدة رغم الآلام و الرهبة و الإحساس بالنهاية الفاجعة 0

إن التزاوج بين النقيضين هو ما يضفى على نتاج لوركا الشعرى و المسرحى تلك الكثافة التى تحاذى الانفجار

( ها هنا لا يوج غير الأرض

الأرض بأبوابها الأبدية

الموصلة إلى حمرة الثمار )

مازالت الأرض تضج بالموت و الظلم و الفجر ، و صور لوركا تضج بالصراخ المتناغم الذى يعلن ( مجئ مملكة السنبلة ) 0

نموذج من قصائد لوركا :

( حضور الجسد )

رأيت أمطاراً رمادية تركض أمام الأمواج

رافعة أذرعها المثقوبة الحنون ،

كيلا تصطادها الصخرة الممدودة 0

صمت كريه الرائحة يرتاح ،

ماذا يقولون ؟ قربهم جسد راقد يتلاشى

له شكل البلابل الصريح

و هو يمتلئ أمام أعيننا بثقوب لا قرار لها 00

من يجعد الكفن ؟

لا أحد ها هنا يغنى ، أو يبكى 00

أريد أن يدلونى على بكاء كالنهر 0

له غيوم ناعمة و ضفاف سحيقة 00

فليصبح الليل فى أدغال الدخان 00

إن البحر يموت أيضاً




المصـــــــادر : -

1- لوركا و عالمه الشعرى : ترجمة عدنان بغجاتى ، دار المسيرة ، بيروت 1979 م

2- لوركا : ترجمة و تقديم كميل داغر ، منشورات المؤسسة العربية للدراسات ، دمشق 1975 م

3- قمم فى الأدب العالمى ، تأليف الدكتور بديع حقى ، منشورات اتحاد الكتاب العرب ، دمشق 1973 م 0

4- الوشاء : الفاضل فى صفة الأدب الكامل 2 / 90 منشورات وزارة الإعلام العراقية 0

5- محمود الألوسى ، بلوغ الأدب 2/162 - دار الكتب العلمية – بيروت

6- د 0 محمد عبد العزيز مرزوق : الفنون الشعرية فى المغرب و الأندلس ص 134 ، 1995 م نهضة مصر 0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ليلى ايت سعيد




عدد الرسائل : 12
تاريخ التسجيل : 26/04/2007

لوركا بين وردة الفجر و رماد الموت بقلم : حسن غريب أحمد Empty
مُساهمةموضوع: رد: لوركا بين وردة الفجر و رماد الموت بقلم : حسن غريب أحمد   لوركا بين وردة الفجر و رماد الموت بقلم : حسن غريب أحمد Icon_minitime27/4/2007, 13:24

شكرا لك رياض على هذه الاضائة الجميلة والمتميزة والأكيد ان عشاق لوركا سيشكرونك كثيرا ..ولعلي واحدة منهم ..

دمت متالقا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
حمدي علي الدين
المدير
المدير
حمدي علي الدين


ذكر عدد الرسائل : 1252
تاريخ التسجيل : 15/04/2007

لوركا بين وردة الفجر و رماد الموت بقلم : حسن غريب أحمد Empty
مُساهمةموضوع: رد: لوركا بين وردة الفجر و رماد الموت بقلم : حسن غريب أحمد   لوركا بين وردة الفجر و رماد الموت بقلم : حسن غريب أحمد Icon_minitime29/4/2007, 01:43

حقا إنه موضوع جميل ، نشكرك جدا يا رياض

كل الود والتقدير
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
لوركا بين وردة الفجر و رماد الموت بقلم : حسن غريب أحمد
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأولمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــب :: الرؤى :: رؤى العظماء-
انتقل الى: