الأولمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الأولمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــب

للإبداع الأدبي الحقيقي بحثا عن متعة المغامرة
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 حوار مع الشاعر الكبير محمود درويش(4)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
حمدي علي الدين
المدير
المدير
حمدي علي الدين


ذكر عدد الرسائل : 1252
تاريخ التسجيل : 15/04/2007

حوار مع الشاعر الكبير محمود درويش(4) Empty
مُساهمةموضوع: حوار مع الشاعر الكبير محمود درويش(4)   حوار مع الشاعر الكبير محمود درويش(4) Icon_minitime16/4/2007, 18:39

* لكن هناك أيضا في هذا النص حضوراً واضحاً لقوة سردية. وهو نَفَسٌ نجد تجليات له في قصائدك، غير أنه يحضر هنا بكثافة خلاقة...

** في قصائدي الموزونة وفي كل تجربتي الشعرية، سي حسن، عندي حب لمزج السردية والغنائية.

وماذا تعني بالنسبة إليك شهية المحكي، في الكتابة وفي القراءة معا؟

** هذا ما أسميه أنا الاستمتاع بالاستطراد، أن تشتق من كلمة كلمات، وأن تحيلك كلمة إلي دروب، إلي سماوات، إلي غيوم، وإلي قصص. وهذا الحب للحكي هو الذي يتمتع به الروائيون. وأنا أغبط الروائيين علي هذا الكلام الذي لا نهاية له. المشكل أنني لا أستطيع أن أسميه حكيا، وإنما أسميه استطرادا للغة يأخذك بعيدا، ويصل بك إلي أرض، وإلي منطقة وإلي قصة، وإلي حادثة، وإلي مأساة، وإلي عرس.

إنني أحب السرد، لكن ينبغي أن يكون مضبوطا. أحب أن يكون سردا إيقاعيا إلي حد كبير، سردا مُمَوْسَقاً.



* يلفت الانتباه أيضا في نصك في حضرة الغياب حضور لبنية مثنوية، سواء علي مستوي الذات المتكلمة، أقصد هذين الشخصين اللذين ليسا في الحقيقة إلا شخصا واحدا، أو علي مستوي بناء الخط السردي والحكائي للنص.

ولا يحضر هذا البعد المثنوي لأول مرة لديك في هذا النص، وإنما هو موجود في شعرك كما هو واضح. ومع ذلك، فهو هنا أكثر حضورا حتى إنه يشكل عنصرا تكوينيا في النص من بدايته إلي نهايته. فكيف تقرأ شخصيا هذا البعد في كتابتك؟

** إن حيلة النص كله مبنية علي خطاب تأبين يقوله المؤلف الحي لآخره الميت المتخيل. والثنائية القائمة بين وجود الآخر ووجود الأنا متوفرة فينا جميعا، لكن كيفية الاعتراف بها أو رؤيتها وإجراء الحوار معها أمر لا يجرؤ عليه كل إنسان. فما كل إنسان قادر علي أن يعترف بأنه إثنان، فهو باطني وظاهري، هو حاضر وغائب، مؤنث ومذكر، هو شاعر وناقد، هو أرضي وسماوي. وأنا من الذين يتعرفون علي ذاتهم أكثر من خلال الآخر، سواء كان آخرهم أو كان الآخر آخر.

أعتقد أن العلاقة بالآخر هي الطريق المعرفي نحو معرفة الذات. وبالتالي فهذه المثنوية تلازمني منذ زمن بعيد، وهي تعطيك حرية الكلام أكثر. فعندما تُخرج ذاتك من ذاتك وتتفرج عليها، فإنك تمنح نفسك حق الكلام وكأنك لا تتكلم عن نفسك. وهذا ما يفتح لفن الاعترافات فضاء أوسع، متحررا من الحشمة ومن إخفاء عواطف أو هواجس أو ظنون. أما من أين جاءتني هذه المثنوية، فأظن أنها تأتي من خلال الثقافة لا من خلال التجربة الذاتية. وثمة أنواع من الفكر تتحدث عن ذلك.

وعلي المستوي الجمالي، فهي تعطيك مجالا لتمزج الديالوغ مع المونولوغ من حيث تصير الحدود بينهما متداخلة. كما تعطي جمالية للتضاد، وليس هناك من أدب حقيقي بدون صراع الأضداد.

والصراع قد يؤدي إلي مصالحة وقد لا يؤدي إلي مصالحة أيضا، لكنه يساعد علي أن يطل الواحد علي الآخر بطريقته ويتعرف عليه. وقد يوصل التعاطف الأكثر إلي جهل أكبر، وفي رأيي فإن طريق الجهل هو طريق نحو المعرفة. كلما عرفت أنك جاهل، تعلمت أكثر. والمشكلة دائما هي مع الجاهل الذي لا يعرف أنه جاهل. أما الجاهل الذي يعرف جهله فهو قادر علي التعلم.

وقد تكون هذه المثنوية في آخر الأمر مجرد لعبة فنية، إذ إنها - شعريا - توفر توترا أعلي، وتشكل نافذة لرؤية نفسك من خارجها، ولتبادل النظر أيضا بين خارجك وداخلك بنفس الثنائية. كيف تستوعب خارجك من داخلك وكيف تخرج داخلك ليتطهر ويتصفى حتى وإن كان داخلك في الأصل قد جاءك من خارجك.



* هناك أيضا في مشروعك الشعري بنية تكوينية مركزية هي بنية المكان. وطبعا، كانت فلسطين تلقي بظلالها دائما كمكان وكفضاء علي نصوصك؛ ومنها كانت تنبثق القصيدة أحيانا أو تلتحق القصيدة بها أحيانا أخري. لكنك حاولتَ في مراحل متعددة أن تغير هذا المكان الأمومي، إذا صح التعبير، المكان الأول لذاكرتك الشعرية. فحضرتْ أمكنة أخري، عواصم ومدن أخري...

واليوم، عندما تتأمل سيرورة قصيدتك، هل تتأمل هذه العلاقة مع أمكنتك الشعرية؟ وكيف تتمثلها؟

** كانت العلاقة واضحة أكثر مما هي عليه الآن. فقد كان هناك بعد ينتج عنه الحنين ويُجَمِّل الأشياء. فأنت من بعيد تري الأشياء أفضل وأجمل. وبالتالي، فالمكان المتخيل يطيع اللغة أكثر من المكان المتحقق.

خَفَّتْ علاقتي بالمكان الأول، شعريا، عندما تحققت رؤيته من جديد، وإذا به كان أغني في الصورة، في الاستعارة وحتى معناه كان أرقي. ومثل أي شيء متحقق، يكون أقل وهجا من المتخيل. هذا طبعا لا ينطبق علي الحقوق الوطنية والسياسية. وأخشى دائما عندما أتكلم عن هذا الموضوع أن يحدث سوء فهم عند بعض الناس.

الآن، أستطيع أن أقول بصراحة إن الأمكنة أصبحت عندي متشابهة. ربما لأن عمري لم يعد يسمح لي بإقامة علاقات عاطفية مع أمكنة جديدة، كما لم يعد يسمح لي بإقامة علاقات عاطفية مع أناس جدد. قد أكون أكثر حصافة في العلاقة مع الناس، وأكثر مجاملة، وأكثر احتراما، لكن الوهج العاطفي خف. وهذا ينطبق علي البشر وعلي الأمكنة أيضا. وربما لكوني أتْخِمْتُ أمكنة.

إن المكان في آخر الأمر إذا لم يكن منشأ ذاكرة، ومكونا لذاكرة، يصبح منظـــرا، مشهدا طبيعيا.

وإذا كانت لدي القدرة علي الاندهاش أمام المشاهد الطبيعية الجميلة، فإن هذا لا يقيم علاقة داخلية وطيدة بيني وبينها...



* هل لهذا الإحساس بتشابه الأمكنة الذي أصبح لديك، مع ما يصاحبه من خفة الكثافة العاطفية، هو الذي جعلك في بعض أعمالك الشعرية الجديدة تنأي بعيدا في عودتك إلي بعض أمكنــــة الطفولة كما هو الشأن في ديوانك الشعري لماذا تركت الحصان وحيدا (1995)؟

** لا، أنا أتحدث إليك عن اللحظة الحالية. ذلك أنني لما كتبت لماذا تركت الحصان وحيدا كنت بعيدا عن مكاني الأول. لقد كان ما يشبه الرد الشعري علي تعرض السردية الفلسطينية للالتباس، بعد اتفاق أوسْلُو. فقد تألمت كثيرا من المصافحة التاريخية، وآلمني الخطاب. كان الخطاب الإسرائيلي يتصرف وكأنه خطاب ضحية مقبل علي مصافحة عدوّ بصعوبة، ويستذكر الشهداء، بينما كان الخطاب الفلسطيني خطابا إداريا. فشعرت أن حتى اللغة تعرضت للالتباس، لغة الضحية الفلسطينية. وكان هذا حافزا مباشرا لكتابة هذا النص دفاعا عن السردية الفلسطينية، وعن اللغة التي تعرضت - برأيي - إلي تشويش.



* محمود، ما معني أن تسمع قراءك يقولون عنك إنك ضمير فلسطين؟

** هذا شرف كبير لي. شرف كبير لي قد لا أستحقه. وكل إنسان، كل شاعر، يحب أن يرقي إلي مستوي أن يتشرف بهذا الشرف، لكن بدون أن تكون له أعباء جمالية. أي أن لا يكون من حقك أن تكتب إلا عن فلسطين بالطريقة المحددة لرؤية الناس لفلسطين. بمعني أن تبقي تذكر فلسطين في كل نص، وتتحول إلي مؤرخ الحدث الفلسطيني. أما أن يكون الضمير بمعني الممثل لجانب الإجماع الوطني الثقافي، وأن يكون معبرا عن روح هذا الشعب، فهذا شرف كبير.



* ألا يمكن أن نفهم من ذلك أيضا أنك أسهمت كثيرا وعميقا، من خلال كتاباتك الشعرية وحضورك الثقافي والأدبي الممتد، في إثراء الرمزية الفلسطينية، وفي توطين القضية الفلسطينية في الوعي العربي، وفي الوعي الإنساني؟

أنا هذا إحساسي ورأيي...

** وأنا ليس من حقي أن أوافق علي هذا الكلام. ساعتها سأطري نفسي وليس من عادتي إطراء النفس. ولكن هذا يشرفني - كما قلت - ويشرفني أيضا أن أوسع مفهوم المعني الفلسطيني من إطار جغرافي ضيق إلي إطار واسع. هذا الذي أعتز به، وهذا الذي أتعرض بسببه إلي حملات بعض الفلسطينيين وكأنهم لا يحددون الهوية إلا بتضييقها. أما أنا فأُعَرِّفُ الهوية بمدي توسيعها. أن تنتقل فلسطين من جغرافيا صغيرة تحمل معاني كبيرة طبعا إلي أفق إنساني، وتُقْرَأ كنص شعري علي المنبر الشعري المفتوح بشكل مّا، فهذا تكبير لفلسطين وليس تصغيرا لها كما يظن بعض الملتزمين بالمفهوم الضيق للهوية. والهوية الفلسطينية يجب أن تكون هوية كونية لأنها هوية إنسانية، ونقل المعني الفلسطيني إلي آفاق رحبة لا يمكنه إلا أن يكون خدمة كبيرة للقضية الفلسطينية.



القصيدة هي الحب غير المتحقق

في آخر هذا الحوار، وعلي سبيل الختم، استدرجت الشاعر الكبير إلي هذه اللعبة الإعلامية التي تتميز بخفة الأسئلة وسرعة الإجابات. وبمحبة أجاب وأعطي بعض الإضاءات التي لها أهميتها بدون شك.



* الليل؟

** لا أحبه. أخاف الليل. وفي الليل لا أعمل شيئا إلا القراءة. لا أستطيع أن أكتب حرفا واحدا في الليل.



* تكتب في الصباح فقط؟

** لا أكتب إلا في الضوء، ولا أعرف لماذا. الليل عادة هو زمن الشعراء، ويوفر وقتا أطول، لكنني محروم من هذا الزمن.



* الصمت؟

ليس هناك صمت. الصمت يحمل ضجيج الكون، والمهم أن نعرف كيف نصغي للصمت.



* الحلم؟

** الحلم هو إعادة تأليف الواقع بمهارة غير مرئية.



* النوم، ما علاقتك بالنوم؟

** عبادة. أحب النوم كثيرا، وأفرح عندما أنام، أفرح عندما أنام وأعرف أنني أنام. ولا أري أنه يحمل معني الموت، بل بالعكس أري أنه يحمل معني السباحة فوق الغيوم. إنه الراحة الكاملة.



* الحب؟

** سؤال صعب، لأنه متغير. فهو في كل ساعة يحتاج إلي جواب مختلف. هو تواطؤ بين شخصين علي تطوير سوء الفهم.



* الصداقة؟

** الصداقة أصعب وأعذب.



* المرأة؟

** المرأة هي الجمال، الجمال الكوني.



* القصيدة؟

** القصيدة هي الحب غير الموجود
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
حوار مع الشاعر الكبير محمود درويش(4)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأولمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــب :: مغامرات إبداعية :: إنتقاء الذهول :: عصفور إرتطام الروح-
انتقل الى: